يحيى دبوقأصدر معهد «الدراسات العسكرية الاستراتيجية» التابع لـ«الكلية العسكرية» في الجيش الأميركي، دراسة تناولت انعكاسات حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله على العقيدة القتالية الأميركية، وطالبت بإجراء تغييرات في بناء القوة والاستعداد الأميركيين لمواجهة نوع آخر من الحروب «يقاتل العدو فيها كجيش نظامي وحرب عصابات، في الوقت نفسه».
ورأت الدراسة أن أداء حزب الله في الحرب يوجب على واضعي السياسات العسكرية في الجيش الأميركي الاستعداد والإعداد لمواجهات مختلفة عن المواجهات التقليدية التي اعتادوها، وبالتالي إجراء تغيير شامل في الاستراتيجيات القتالية لتتلاءم مع الحروب «المنخفضة الوتيرة»، التي تُعتبر التحدي الأساسي أمام الجيش الأميركي في النزاعات المستقبلية.
وناقشت الدراسة أساليب عمل حزب الله في الحرب، التي «خالف في بعض منها أساليب حرب العصابات، وكان قريباً من أداء الجيوش النظامية». وبحسب الدراسة، «شدد حزب الله أكثر من اللازم على التمسك والدفاع عن الأرض، إضافة إلى استخدام المناطق المفتوحة والتضاريس بدلاً من التركيز على الاختلاط والتخفّي في المناطق المدنية وبين المدنيين». ورغم ذلك، فإن الحزب «لم يقترب كثيراً من أساليب الجيوش التقليدية، وسمح في أحيان كثيرة بتوغل القوات الإسرائيلية، معتمداً على النيران عن بعد وعلى حقول الألغام التي لا تتطلب عاملاً بشريّاً».
وشددت الدراسة على أن «حزب الله» أظهر مهارات قتالية لافتة في الحرب، كـ«استخدامه لعمليات التخفّي وإعداده للمواقع القتالية وانضباط نيرانه ومهارته في رمي الهاون، إضافة إلى تنسيقه للإسناد الناري المباشر».
وقارنت الدراسة بين أداء حزب الله وأداء بعض الجيوش النظامية في حروب خيضت في الماضي، مشيرة إلى أن «الحزب أظهر براعة فاقت براعة الجيش الإيطالي التقليدية في عام 1941، وأفضل من الدفاعات الفرنسية في جبهة سيدان عام 1940». وأضافت أن «الجيش المصري التقليدي أثبت بقوة أنه أضعف من حزب الله في عمليات التخفّي، وكان أيضاً أفضل من الجيش السوري التقليدي في حروب 1967 و1973 أو 1982»، مشيرة إلى أن «مهارة حزب الله كانت جيدة مقارنة باللاعبين العسكريين التقليديين في الشرق الأوسط، وبشكل ملحوظ أفضل من كثير من هذه الدول».
ورأت الدراسة وجوب العمل على تخصيص الموارد والبحوث لمواجهة هذا «النموذج» المقدّر أن تتبنّاه جهات أخرى في المستقبل، أي «مواجهة الدمج بين تكتيكات جيش نظامي عادي وحرب العصابات»، الأمر الذي يثير تحديات جديّة أمام الجيش الأميركي إذا «عمد إلى تبنّي الأسلوب الواحد في مواجهة حرب العصابات التي تتطلب موارد وتدريبات مختلفة».