لعلّ الإيجابية الوحيدة للعتمة الشاملة والمتقطّعة التي يعيشها اللبنانيون منذ صيف 2020 تكمن في بروز وعيٍ جماعي حول أهميّة الطاقات المتجدّدة، وتحديداً الطاقة الشمسيّة. وعيٌ، لو تمظهر سابقاً لكان يمكن الاستفادة من القروض المدعومة بطريقةٍ منتجةٍ ومدروسة ولكانت الأزمة أقلّ وطأة.
طلبٌ مطّرد
تدهور الإنتاج من معامل مؤسسة كهرباء لبنان، فضلاً عن شحّ المازوت اللازم للمولدات الخاصة، أسهما في ازدياد الطلب على أنظمة الطاقة الشمسية للاستعمال المنزلي والتجاري والصناعات الصغيرة. وفي استطلاعٍ سريعٍ أجراه معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، بين تموز وآب 2021 وشمل 20 شركةً تعمل في مجال الطاقة الشمسيّة، تبيّن أنها تلقّت بين كانون الثاني وتموز نحو 6700 طلبٍ لتركيب نظام طاقة شمسية، أي بزيادةٍ تصل إلى 3-5 مرّات الطلب المسجّل في 2019 لكل شركة.
وبحسب الاستطلاع، فإنه من أصل 6700 طلب، فقط 516 منها أبصرت النّور، أي ما نسبته 7.7% والسبب يتعلّق بأنّ كلفة هذه الأنظمة المسعّرة بالدولار النقدي مثّلت عاملاً سلبياً في انتقال الطلبات إلى مرحلة التنفيذ. أما القدرة الإنتاجية الإجمالية للمشاريع الـ516، فهي تقدّر بنحو 7.75 ميغاواط.

تجدر الإشارة إلى أن الطلب على مشاريع الطاقة الشمسية كان مقدراً في السنوات الماضية، بحسب التقرير السنوي الصادر عن المركز اللبناني لحفظ الطاقة، على النحو الآتي: 56.37 ميغاواط في 2018، و78.65 ميغاواط في 2019، و89.84 ميغاواط في 2020. لكن يُتوقّع أن يكون الطّلب المسجّل في 2021 هو الأكبر نظراً للإقبال المطّرد عليها في ظل تنامي المخاوف من فقدان كهرباء الدولة وتدني قدرات المولدات بسبب شح المازوت.
ويشير الاستطلاع إلى أنّ أنظمة الطاقة الشمسيّة المدعّمة بالبطاريات للتخزين هي الأكثر طلباً، أو ما نسبته 79%، تليها أنظمة الطاقة الشمسية بلا تخزين بنسبة 68%، ثم أنظمة الطاقة الشمسية المكمّلة لمولدّات الأحياء بنسبة 58% (يستخدم في الإطار البلدي أو الصناعي)، وسخّانات الطاقة الشمسية، وأنظمة ضخّ المياه من الآبار. أمّا العوائق التي تواجه الشركات، فتكمن في قدرة المستهلك على تحمّل الكلفة الباهظة لهذه الأنظمة، ولا سيما أنها مسعّرة بالدولار النقدي، فضلاً عن صعوبة ابتكار أطرٍ مناسبة للتمويل، وعوائق في استيراد المعدّات اللازمة لهذه الأنظمة نظراً للأزمة النقدية.

ماذا على المواطن أن يعرف؟
إنّ المعدّات الأساسية هي: ألواح الطاقة الشمسية (solar panels)، المحوّلات الساكنة (inverters)، بطاريّات التخزين، كابلات الكهرباء وما يترافق معها. وفي ما يلي بعض الأمور الأساسية التي يجب على المواطن معرفتها من أجل تصميم نظام ناجح يراعي الاستهلاك المطلوب:
1) المساحة المتاحة لتركيب النظام.
2) احتساب معدّل الاستهلاك الأساسي للمنزل/المؤسسة/المصنع، خلال النهار والليل بشكلٍ منفصل.
3) احتساب معدّل الاستهلاك أو عدد الساعات التي يودّ المستهلك تغطيتها عبر النظام الشمسي في أوقات انقطاع الكهرباء.
4) الإقرار بوجهة استعمال طاقة النظام الشمسي: هل يودّ المستهلك أن تٌستخدم الكهرباء المنتجة لشحن البطاريات وتخزين الطاقة؟ أم مباشرةً للاستخدام المنزلي؟ فالنظام يمكن أن يكون مصحوباً ببطاريات تسمح بالتخزين لاستعمال الطاقة ليلاً، أو بدون تخزين فتُستخدم الطاقة خلال النهار في ساعات الذروة بحسب الاستهلاك، ويتمّ خسارة الفائض منها.
5) يجب أن يكون النظام مطابقاً لمواصفات مؤسّسة كهرباء لبنان في حال وصله مستقبلاً على أنظمة تبادل الطاقة Net-Metering.
6) يجب التأكد من أن نوعية الألواح monocrystalline لتكون ذات فعالية أكبر.
7) يجب التأكد من أن تكون نوعية المحوّلات ذات فعالية عالية وقدرة DC Voltage عالية، وأنها مطابقة لتعمل مع نظام البطاريات المستخدم.
8) هناك نوعان رائجان حالياً من بطاريات التخزين (tubular) Lead-Acid، وLithium-Ion. الثانية أكثر تطوّراً من الأولى، ويبلغ سعرها مرتين ونصف أو ثلات مرات أكثر. الأولى تعمل وفق تقنية التشريج والإفراغ البطيئَين، أي إنها تحتاج إلى نحو 6 ساعاتٍ للإفراغ، وما بين 6 و8 ساعات لإعادة التشريج، وتعيش نحو أربع سنوات. بينما الثانية لديها مرونة أكبر لجهة ساعات التشريج ويمكن إفراغها خلال ساعةٍ واحدة إذا كان الاستهلاك كبيراً وإعادة تعبئتها، لكن ذلك يؤثر على فترة خدمتها.
9) إن متوسّط سعر أنظمة الطاقة الشمسية مع تخزين لنحو 6 ساعات متواصلة بقدرة 5 أمبير، يتراوح بين 4 و 5 آلاف دولار، بينما بقدرة 10 أمبير يتراوح بين 7 و 9 آلاف دولار، وبقدرة 15 أمبير فيتراوح بين 10 و 13 ألف دولار.

* باحث في مجال الطاقة – معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت

اقرأ دراسة «مسألة التغيير في لبنان: جدليّة الخارج والطائفيّة السياسيّة والاقتصاد غير المُنتج» هنا.