مقالات مرتبطة
-
الطُعم والخَرق ومحاولة الأسر إبراهيم الأمين
-
كيف عمل مغنية وبدرالدين في المعركة؟ عباس فنيش
وبالمعيار العسكري، كان كمين انصارية، المعد باحتراف استثنائي، إنجازاً مدوياً في تاريخ المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال، وتحول الى معلم شاخص في تاريخ المقاومات في لبنان والمنطقة. ومما يميزه أنه أجهز على قوة النخبة من سلاح البحرية الإسرائيلية المتخصصة في العمليات الخاصة، وحدة «شييطت 13». وهو ما ألقى بظلاله على وعي صانع القرار العسكري الذي أيقن بعد هذه العملية، حجم الأخطار التي تنتظر قوات النخبة لديه إن استمر في عمليات التوغل خلف الخطوط، محاولاً تقليد عناصر حزب الله الذين كانوا يتسللون الى عمق المنطقة المحتلة، ويستهدفون قوات الاحتلال.
المعلق العسكري في صحيفة «معاريف»، عمير ربابورت، قال في حينه، إن «التجربة المريرة للجيش الإسرائيلي من فترة الوجود في منطقة الحزام الأمني في لبنان، يفترض أن تثبت أنه حين نعمل بوتيرة عالية من المخاطرة على نحو خاص، فإن هذا من شأنه أن ينتهي ليس بتحقيق إنجازات تكتيكية مرغوب فيها، بل بكوارث كبيرة كما حصل في كارثة الوحدة البحرية «شييطت». كانت الكارثة في انصارية خط الفصل التي أصبح الانسحاب من الحزام الأمني بعدها، مسألة وقت».
ما أثقل على إسرائيل، ليس مجرد صورة الانكسار والإذلال وعودة جنود وحدة الشييطت أشلاء، بل إن خصوصية عملية انصارية أنها أتت في مواجهة خيار انتهجته قيادة الاحتلال في حينه، بموازاة وبعد فشل العديد من الخيارات البديلة، وتحديدا عدواني 93 و96، التي راهنت من خلالها على ردع حزب الله، وإحباط عملياته، والحد من مفاعيلها.
وكانت خطة قيادة العدو آنذاك، وتحديداً قائد المنطقة الشمالية اللواء عميرام ليفين، خريج وحدات النخبة والعمليات الخاصة، تقوم على نقل «حزب الله» في موقعه القتالي من الدائرة الهجومية وشن العمليات، الى الدائرة الدفاعية وتلقي العمليات. الخيار كما بدا لإسرائيل في حينه، كان ناجعاً ويحمل إمكانات واعدة، لكن نتائج كمين انصارية المؤلمة، كما ونوعا، وفي عملية تجلت فيها أعلى درجات التفوق الامني، كوت وعي قادة العدو، ودفعتهم الى التسليم بسيطرة وتحكم حزب الله في قواعد الصراع ومجريات الميدان.