بعدما تجنب زيارة صيدا قبيل الانتخابات وتجاهلها بعد عودته إلى لبنان، دخل الرئيس سعد الحريري مساء أمس من بوابة الجنوب كالفاتح المنتصر. في منزل عمه شفيق الحريري، استقبلته عمته النائبة بهية الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، ورئيس البلدية المنتخب محمد السعودي. اخترق حشود عناصر الماكينة الانتخابية لتيار المستقبل وصعد مطلاً من على شرفة ليخطب بالجماهير. في مشهد مشابه لاحتفاله المبكر بنتائج انتخابات بيروت في بيت الوسط قبل أسبوعين، قال الحريري: «مبروك لصيدا العرس الانتخابي ونحن على ثقة بأن الفوز سيكون حليف لائحتنا» المدعومة من السنيورة و»عمتي بهية» وعبد الرحمن البزري والجماعة الإسلامية. طلة الحريري كانت خاطفة. غادر الشرفة وانقطع أثره في صيدا. أكد أن «هذه الزيارة غير محسوبة، وإن شاء الله المرة المقبلة سنأتي ونسلم على الجميع عند عمتي بهية ست الكل».

حول مراكز الاقتراع، انتشر مئات المندوبين الناشطين في ماكينة «إنماء صيدا»، في مقابل ماكينة متواضعة للائحة «صوت الناس». توالت الشكاوى من تخصيص الطبقتين الثانية والثالثة من مبنى الجامعة اللبنانية مركز اقتراع لحي رجال الأربعين (حيث ثقل حزب الله وحركة أمل)، ما أعاق وصول كبار السن والمعوقين. كثير من عناصر الماكينة الانتخابية بدوا لمصلحة لائحة المستقبل. رئيسة المنطقة التربوية في الجنوب سمية حنينة المسؤولة في المستقبل في صيدا نشطت في الماكينة. وانتشرت صورة لشخص ينقل وجبات الطعام من محل في عبرا بواسطة سيارة تابعة لشركة كهرباء لبنان.

أسامة سعد: النتيجة

ليست خسارة وسنراكم

النضال




اقترع في صيدا نحو 26 ألفاً، في مقابل أكثر من 29 ألفاً في انتخابات 2010



يوم صيدا الذي اختتمه الحريري، افتتحه السعودي بالانتخاب بعيد فتح الصناديق في ثانوية البنات الثانية. أعقبه اقتراع الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري. وكان من المقرر أن تنتخب النائبة الحريري في متوسطة الشهيد معروف سعد، إلا أن العثور على عبوة وهمية في جوارها قادها الى الاقتراع في الثانوية. خروجها تزامن مع دخول رئيس لائحة أحرار صيدا علي الشيخ عمار. توزعت الكاميرات بينهما. الست بهية قالت رداً على سؤال عن لائحة الإسلاميين: «نحن متحالفون مع الجماعة الإسلامية من البداية ولا زلنا». هل يأخذ «الأحرار» من درب المستقبل؟ «كل واحد بياخد نصيبو». أما الشيخ عمار فسخر من «ازدواجية تجاهل اللائحة من جهة، ومحاولات الضغط التي مارسوها على أعضائها لينسحبوا». بنبرة متفائلة: «قررنا الترشح من منطلق أننا حالة إسلامية مستقلة تحت عناوين إسلامية وإنمائية، والجمهور الصيداوي سيكون متفاعلاً ومنسجماً مع اللائحة ويعطيها ويتعاطف معها». السنيورة اقترع في ثانوية نزيه البزري. بالتزامن، كان رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد يقترع في مهنية صيدا الرسمية. غادر الأول إلى المركز الرئيسي لبنك البحر المتوسط في صيدا، فيما ذهب سعد ليجول على الأحياء. بعدهما وبعيداً عن الكاميرات، اقترع نادر الحريري في ثانوية البنات الثانية.

بحسب النتائج الرسمية، اقترع في صيدا نحو 26 ألفاً، في مقابل أكثر من 29 ألفاً في انتخابات عام 2010، رغم ارتفاع عدد من يحق لهم التصويت الى أكثر من ستين ألفاً. وبالنظر إلى توزع الأصوات الأولي، فإن فرز حوالى 70 صندوقاً أظهر حصول السعودي على حوالى 11 ألف صوت. أما أول الخاسرين في لائحة «صوت الناس»، فؤاد الصلح فقد نال حوالى 6 آلاف صوت. في حين أن الفارق بين السعودي ورئيس لائحة التيار الوطني عام 2010 كان حوالى عشرة آلاف صوت. النتائج تبدو منطقية بالنسبة إلى الصيداويين بالنظر إلى إسقاط فئة الموظفين في «سعودي أوجيه» الذين كانوا يستقدمون إلى لبنان للتصويت (يعدون ما بين ألفين إلى 3 آلاف صوت)، الى جانب الموظفين المصروفين من مؤسسات الحريري في لبنان، فضلاً عن إسقاط أصوات الإسلاميين والسلفيين الذين كانوا يمنحون أصواتهم لتحالف المستقبل والجماعة الإسلامية. الفئة الأخيرة وجدت ضالّتها في «أحرار صيدا». الشيخ عمار، رئيس اللائحة التي تقصّد تجاهلها مختلف الأفرقاء السياسيين والقوى الأمنية على السواء، نال في السبعين صندوقاً حوالى 1800 صوت، في حين نال العضو التاسع في اللائحة 1400. فما الذي ينتظر المستقبل السياسي في بوابة الجنوب بعدما فرضت الانتخابات البلدية، حاملي مواقف الحالة الأسيرية ومناصري «الثورة» السورية والناقمين على حزب الله والمصوّبين على سرايا المقاومة، وصنعت لهم حيثية ملموسة؟

بعد ظهور النتائج الأولية للتصويت، وقف سعد بين عناصر الماكينة الانتخابية في باحة مركز معروف سعد الثقافي، شاكراً تطوعهم و»المجهود الذي قدموه من أجل إنجاز تغيير من شأنه النهوض بالإنسان وتحسين المستوى المعيشي له». لا يعتبر سعد النتيجة خسارة، بل إن «خوض المعركة هو تراكم نضالي نحو الأفضل».