كشف مصدر أميركي، أمس، عن أنّ الولايات المتحدة أنهت الشهر الماضي عملية سرية معقدة استمرت ثلاثة أشهر نقلت خلالها بقايا البرنامج النووي العراقي السابق، من «كعك أصفر» وما إلى ذلك، إلى كندا، مسدلة الستار على فصل من التاريخ المعاصر، لملفّ استعمل حجّة لغزو بلاد الرافدين.وفي تحقيق لوكالة «أسوشييتد برس»، قال المصدر نفسه إن «اكتمال عملية النقل الأميركية السرية، التي بدأت في نيسان (الماضي)، وانتهت في شهر حزيران، تزيح عن كاهل السلطات الأميركية والعراقية عبئاً ثقيلاً، مخافة وقوع تلك المخزونات النووية في أيدي عناصر مسلحة أو تهريبها إلى إيران لمساعدتها في تحقيق طموحها النووي».
وبحسب مسؤول أميركي رفيع المستوى، تحدّث عن الإطار العام لعملية النقل التي استغرقت قرابة ثلاثة أشهر، فإن «الجميع مغتبط للغاية لإخراج هذا المخزون النووي بأمان من العراق».
وسيكتمل برنامج إزالة المخلفات النووية من بلاد الرافدين، بتنظيف البقايا النووية في مجمع «التويثة» النووي في جنوب بغداد، عبر استخدام طواقم فنّية تتضمن خبراء عراقيين تلقّوا تدريبات في أوكرانيا.
وأكد المصدر أن الحكومة العراقية باعت 550 طناً مترياً من «الكعك الأصفر» أو «اليورانيا»، وهي مادة تدخل في تخصيب اليورانيوم العالي الجودة، لشركة «كامكي كورب» الكندية لإنتاج اليورانيوم، في مقابل «عشرات الملايين من الدولارات».
وتابع أنّ الشركة الكندية ستعالج المادة لاستخدامها في مفاعلات إنتاج الطاقة، موضحاً «أننا مسرورون لتمكننا من إخراج الكعك الأصفر من منطقة مضطربة إلى أخرى مستقرة لإنتاج الطاقة النظيفة».
وكانت مباحثات دبلوماسية وعسكرية سريّة مكثفة، استمرّت لأكثر من عام، قد تمحورت حول التخلص من اليورانيوم، مخافة تعرّض شحنات نقل تلك المواد النووية لهجمات أو كمائن للمسلحين.
كما تمّ نقل تلك الشحنات، التي وضعت في 3500 برميل، عبر البرّ إلى بغداد، ثم نقلت لاحقاً على متن 37 رحلة عسكرية إلى جزيرة «دييغو غارسيا» في المحيط الهندي، ومن ثم إلى متن سفينة ترفع العلم الأميركي إلى مونتريال في كندا.
واعترضت عملية النقل السرية، العديد من العقبات، حيث كان المخططون العسكريون والدبلوماسيون يريدون نقلها برّاً إلى الكويت وشحنها عبر الخليج، إلا أن المسار البرّي كان يقتضي مرورها بمناطق عراقية ذات غالبية شيعية تسودها الميليشيات، ما يعني سهولة وقوعها بأيدي الفصائل التي تتّهمها واشنطن بتلقي الدعم الإيراني. كذلك فإن السفينة التي كان من المفترض أن تنقلها من الكويت في ما بعد، لا يمكن إلا أن تمرّ في مضيق هرمز حيث يكثر الاحتكاك مع السفن الإيرانية.
وذكر المصدر نفسه أنّ السلطات الكويتية عارضت فتح حدودها أمام تلك الشحنات رغم مساع أميركية بُذلَت على مستوى رفيع لإقناعها بذلك. ودفع ذلك المخططين الأميركيين إلى اعتماد طريقة أخرى لنقل الحمولة الخطيرة، وهي طائرات النقل الجوي التابعة للجيش الأميركي.
ولم يكن «الكعك الأصفر»، المكوّن النووي الوحيد الذي تمّ التخلص منه، إذ سحب جيش الاحتلال الشهر الماضي أربعة أجهزة إشعاعية يمكن استخدامها كأحد المكونات لصنع سلاح دمار شامل.
ولا يزال هناك الكثير من العمل، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي رأت العام الماضي في تقرير لها أن «عملية تنظيف» العراق من المواد النووية، قد يستغرق سنين عديدة، ومنها التخلص من الأماكن التي تحوي أو تعرّضت لإشعاعات نووية، والمغلقة بجدران سميكة من الاسمنت المسلّح منذ عهد نظام صدام حسين.
(الأخبار، أ ب)