فصل يمضي ويحلّ آخر ولا يزال فيروس «كورونا» مهيمناً. الفيروس الذي يشهد تحوّرات مستمرّة، يثير القلق مع حلول كل فصل من فصول السنة. ففي الشتاء، تخوّف الخبراء من اشتداد حدّته تزامناً وانتشار فيروسات تنفسية أخرى، على غرار تلك المسبّبة للإنفلونزا. وها قد حلّ فصل الربيع، الذي غالباً ما تصاحبه الحساسية الموسمية، ليثير المزيد من التساؤلات حول تأثّر الأشخاص المصابين بالحساسية بفيروس «كورونا».
الحساسية الموسمية
وفق طبيب الأطفال والاختصاصي في الأمراض الصدرية الدكتور بيار الحاج، فإنه «ما من علاقة واضحة بين الفصول والفيروس».

يمكن لبعض أعراض الحساسية الموسمية أن تتشابه مع الأعراض التي تظهر لدى المصابين بفيروس «كورونا»، إلا أن فارقاً وحيداً يجب التنبّه إليه للتمييز بينهما: «الحمّى، فالحساسية لا تسبّب ارتفاعاً في حرارة الجسم، في حين أن الأمراض التي تنتج عنها التهابات، مثل فيروس كورونا، تؤدي إلى الحمّى».

ويشير إلى أن «أعراض الحساسية يجب أن تكون متكرّرة في موسم محدّد من كل سنة، فهي تشمل العطس، الحكّة في العينين، العمش، احتقان الأنف، والأهم هو تشكّل المخاط الناتج عن الإفرازات في الجيوب الأنفية». ويوضح أن هذه الأعراض تظهر في كلّ مرة يتعرّض فيها مرضى الحساسية إلى العوامل المؤثّرة، وفي فصل الربيع هناك الغبار ولقاح الأزهار والأشجار، والعث، ووبر الحيوانات وغيرها.

أمّا في ما خصّ أعراض فيروس «كورونا»، فهي «في الدرجة الأولى تشمل الحمّى»، وفق ما يوضح الحاج، مشيراً إلى أنه «من الممكن التقاط العدوى في أي فصل كان، وهي تؤدي إلى سيلان الأنف، والتعب والإرهاق، ألم في العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى السعال، في حين تغيب الحكة». ويلفت إلى أن «الدراسات كشفت أن غالباً ما تظهر مضاعفات فيروس كورونا على الرئتين، في حين أن الحساسية لا تؤثر على الرئتين أو الجهاز التنفسيّ».

مرضى الربو
يخشى معظم الذين يعانون من الحساسية من ارتفاع المخاطر عند إصابتهم بـ«كورونا»، وهذا ما يدفعهم إلى الشعور بالقلق المستمرّ. لكن الحاج يوضح أن «الحساسية الوحيدة التي تزيد من المخاطر عند التقاط عدوى كورونا هي مرض الربو، في حين أن الحساسية العادية لا تشكّل خطراً على الصحة».

«مضاعفات فيروس كورونا غالباً ما تكون أكثر حدّة لدى مرضى الربو، حيث يلاحظون ضيقاً شديداً في التنفّس، تدنياً في مستويات الأوكسيجين، فيضطرون إلى اللجوء إلى العلاج بالكورتيزون أكثر من سواهم». وهنا يشدّد الحاج على أنه «من المهمّ أن يلتزم مرضى الربو بالعلاج الخاص بهم، وأن يتّبعوا الإجراءات الوقائية باستمرار، فبهذه الطريقة يمكنهم التخفيف من مضاعفات فيروس كورونا».
الجدير ذكره أن «35% من الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الموسمية أو حساسية الأنف، غالباً ما يشكون أيضاً من مرض الربو».

اللقاح والحساسية الموسمية
في ظلّ حملات التلقيح حول العالم، يتساءل كثيرون عن مدى تأثير اللقاح على مرضى الحساسية، وإن كان من الممكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. يميّز الحاج بين الحساسية الموسمية التي لا تشكّل أي خطر عند تلقّي اللقاح، وبين الحساسية تجاه بعض المواد المستخدمة في صناعة لقاح «كورونا». «ما يشدّد عليه الأطباء خلال التلقيح هو أن لا يعاني الأشخاص من حساسية تجاه أدوية معيّنة، أو أن لا يكونوا قد عانوا سابقاً من حساسية تجاه لقاح معيّن».

كذلك «على الأشخاص المعانين من الحساسية أن يمتنعوا عن تناول أدوية التحسّس يوم تلقّيهم اللقاح، للتمكّن من تحديد ما إذا كانوا يعانون من حساسية تجاه مادة معيّنة». في المقابل، فإن «استخدام أجهزة الاستنشاق وبخّاخ الأنف والرئتين لا يتعارض مع اللقاح، لذا بإمكان المرضى الاستمرار في استخدامها يوم التلقيح».

وينصح الحاج بضرورة الالتزام، في هذا الفصل، بالإجراءات الوقائية باستمرار وارتداء الأقنعة في الأماكن المزدحمة «خصوصاً أن فصل الربيع يشهد العديد من اللقاءات والاجتماعات والنشاطات».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا