مناطقُ «آمنة» في قلب النار... و«بلا منيّة تركيّا»

  • 0
  • ض
  • ض

تقول الفكرة السائدة في أذهان معظم المتابعين إنّ نيران الحرب لم تستثنِ أيّ بقعةٍ سوريّة، بما في ذلك بعض المناطق التي شهدت عقد اتفاقات لوقف إطلاق النار من دون أن تُشكّل تلك الاتفاقات ضامناً حقيقيّاً. في واقع الأمر هناك نقاط بعينها بقيت بمنأى عن كل أنواع الاستهدافات، فلا هي نُهبت، ولا قُصفت، رغم أنّها تقعُ في قلب النار

على امتداد الجغرافيا السوريّة، ثمّة نقاط «مُحيّدة» عن النيران، رغم وجودها في مناطق بالغة السخونة. ليس من بين النقاط المذكورة مدارس، أو مشافٍ، أو تجمّعات سكنيّة مثلاً، ولا علاقةَ للمنظمات الإنسانية أو الهُدن والاتفاقات بتحييدها. ثمّة عوامل أكثر «واقعيّة» و«فاعليّة» أفضت إلى تجنّب كل الأطراف استهداف مثل تلك النقاط، عوامل «اقتصاديّة» حيناً، و«سياسيّة» حيناً آخر. في ما يأتي نماذج عن تلك «المناطق المُحيّدة». مصانع الأدوية في حلب تحتضن مناطق ريف حلب (الأقرب إلى المدينة) عدداً من أكبر مصانع الأدوية في سوريا. ورغم أنّ المعارك حطّت في تلك المناطق منذ بواكير الأزمة، غيرَ أنّ معظم تلك المصانع استمرّت في عملها حتى وقت قريب من دون أن يلحقَ بها أيّ أذى، ومردّ ذلك بطبيعة الحال إلى اتفاقات غير مُعلنة بين أصحابها والمجموعات المتقاتلة. وتجدر الإشارة إلى أنّ التيار الكهربائي مقطوع بالكامل عن معظم المناطق المحيطة بالمصانع، وقد استمرّت في العمل اعتماداً على توليد الكهرباء بالديزل، ما يعني أنّ حركة النقل من المصانع وإليها لم تقتصر على المواد الأوليّة والأدوية، بل تعدّتها إلى المحروقات، ومن أشهر تلك المصانع: «أوبري للصّناعات الدوائيّة». يقع المصنع على أوتوستراد حلب ــ دمشق، على أطراف مدينة الزربة (ريف حلب الجنوبي). ورغم تناوب مجموعات عدّة السيطرة على المنطقة، غير أن المصنع استمرّ في عمله حتى وقت قريب. استمرّ أصحاب المصنع في التردّد إليه، والإشراف على سير العمل فيه حتى أواخر عام 2012، حيثُ تعرّض اثنان منهم للاختطاف على يد إحدى العصابات. وأفضت المفاوضاتُ إلى إطلاق سراحهما بعد دفع فدية بقيمة ثلاثين مليون ليرة سوريّة (نحو 300 ألف دولار في حينها). بعدها، امتنع أصحاب المصنع عن الذهاب إليه، واكتفوا بإدارته عن بعد، من دون أن يؤثر ذلك بسير العمل فيه. تواصلت حركة سيارات الشحن دخولاً (لنقل المواد الأوليّة) وخروجاً (لنقل الأدوية المُنتجة) فضلاً عن دخول العمّال وخروجهم، قبل أن تتوقّف تماماً قبل نحو شهرين مع بدء العمليات العسكريّة الأخيرة في ريف حلب الجنوبي. في الوقت الراهن باتت الاشتباكات على مقربة منه، وما زالت الآلات وخطوط الإنتاج موجودة داخل المبنى مع توقفها عن العمل تماماً. آسيا للصّناعات الدوائيّة: يقع المصنع في قرية كفر حمرة (منطقة جبل سمعان، على أطراف حلب الشمالية الغربية). مثل غيرها من مناطق الريف الحلبي وقعت القرية تحت سيطرة المجموعات المسلّحة منذ عام 2012، وتتالت عليها مجموعات عدّة. لكنّ «آسيا»، الذي يُعدّ واحداً من أضخم مصانع الأدوية في الشرق الأوسط استمرّ في العمل رغم الظروف والمعارك المحيطة، وتواصلت حركة النقل منه وإليه. أكثر من ذلك، تؤكّد مصادر متقاطعة أن حركة تصدير منتجات المصنع إلى خارج سوريا تواصلت (وإن بوتيرة أقل) حتى الربع الأخير من عام 2014. وكانت عمليات التصدير المذكورة تجري عبر «واجهات تجارية» تُركيّة. في مطلع العام الحالي سرت أنباء عن نقل أصحاب المصنع خطوط الإنتاج خارج المنطقة (كانت حينها تحت سيطرة «الجبهة الشّاميّة»)، وأفادت تقارير صحفية «معارضة» حينها بأنّ وجهة الخطوط هي محافظة حمص. لكنّ مصادر أخرى أكّدت لـ«الأخبار» أنّ «خطوط الإنتاج نُقلت أوّل الأمر إلى الأراضي التركيّة، قبلَ أن تُنقل لاحقاً إلى السودان، تمهيداً لافتتاح مصنع بديلٍ هناك». تشير المصادر إلى أن «عملية النقل جرت ببطء شديد، وعلى مراحل، مع تكتّم كبير على وجهتها الحقيقيّة». ألفا للصّناعات الدّوائيّة: يقع المصنع في منطقة المنصورة (ريف حلب الغربي) الخاضعة لسيطرة «حركة نور الدين زنكي». استمرّت خطوط الإنتاج بالعمل، بتواتر ينخفض ويرتفع تبعاً لخريطة الاشتباكات المحيطة، من دون أن تتوقّف. في الشهر الماضي تواردت أنباء عن تعرّض المصنع لأضرار من جرّاء غارات جويّة روسيّة استهدفت المنطقة (شأنه في ذلك شأن مصنع آسيا)، من دون تأكيد تلك الأنباء بنحو قطعي. في الوقت الراهن تؤكّد مصادر محليّة لـ«الأخبار» أنّ «العمل مستمرّ داخل المصنع، لكن بوتيرة أخف من السابق». الشركة الوطنيّة للصناعات الدوائيّة: يقع المصنع في بلدة كفرناها (المجاورة لخان العسل، ريف حلب الغربي). تعرّض للنهب على يد «حركة نور الدين زنكي» قبل ثلاث سنوات، وتوقّف عن العمل لفترة طويلة، قبل أن يعود إلى العمل جزئياً أواخر العام الماضي. بين شهري آب وأيلول الماضيين نقل أصحابه قسماً كبيراً من محتوياته، قبلَ أن يتعرّض في أواخر تشرين الأوّل لدمار كبير من جرّاء غارات جويّة روسيّة. وتؤكّد مصادر ميدانيّة معارضة لـ«الأخبار» أنّ «المبنى كان قد تحوّل إلى مقر لإحدى الكتائب التابعة لجبهة النصرة في المنطقة بعد إفراغه». «قصر موزة» في تدمر لا يعلمُ معظم السوريين أنّ درّة الحضارة الواقعة بين براثن تنظيم «الدولة الإسلاميّة» تحوي قصراً أُنشئ قبل سنوات لزوجة أمير قطر السابق، ووالدة الأميرة الحالي موزة بنت ناصر المسند. يعود تاريخ إنشاء القصر المذكور إلى عام 2009، على امتداد نحو خمسة هكتارات بموجب استثناءات خاصّة، حيث كان التقارب السوريّ القطريّ في أوجه. عقب استيلاء تنظيم «داعش» على مدينة تدمر في أيار الماضي، نشرت مواقع تابعة للتنظيم المتطرّف صوراً للقصر المذكور تحت مسمى «القصر القطري». ونقلت مصادر سورية معارضة في حينها أنباءً عن إقفال التنظيم القصر، ومنع عناصره من الاقتراب إليه. ورغم تهديم «داعش» عدداً من المواقع التاريخيّة في المدينة المنكوبة، ونهب مواقع أخرى، غير أن «قصر موزة» بقي في مأمنٍ من أي ممارسات مماثلة، قبل أن تُحوَّل حدائقه المترامية قبل قرابة شهرين إلى «مركز تدريب عسكري» لعناصر التنظيم. ووفقاً لما أكدته مصادر عدّة من داخل المدينة لـ«الأخبار»، فإنّ القصر «ما زال في منأى عن نيران الحرب، بما في ذلك الغارات الجويّة». مكتبة طلاس في الرّستن في بلدة الرّستن مسقط رأس وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، يقع بيت طلاس ومكتبته الشخصيّة. تُصنّف المكتبة واحدةً من أضخم المكتبات الشخصيّة في العالم بـ 135 ألف عنوان بين كتاب مطبوع ومخطوط. المكتبة وفقاً لما نقلته مصادر إعلاميّة عن طلاس نفسه قبل سنوات «هي ثاني أكبر مكتبة شخصيّة في العالم». ورغم أنّ الرستن كانت من أوائل المدن السورية التي قال السلاح فيها كلمته، ورغم تحوّل منطقة المكتبة إلى خط تماس يفصل مناطق سيطرة المسلحين عن مناطق سيطرة الجيش السوري فقد استمرّت في منأى عن نيران المعارك. وتؤكد مصادر محليّة لـ«الأخبار» أنّها «لم تتعرّض لأي اعتداء أو محاولة نهب» على امتداد السنوات السابقة.

  • «قصر موزة» بقي في مأمنٍ قبل أن تُحوَّل حدائقه إلى «مركز تدريب عسكري»

    «قصر موزة» بقي في مأمنٍ قبل أن تُحوَّل حدائقه إلى «مركز تدريب عسكري» (الأناضول)

0 تعليق

التعليقات