تسعى الحكومة إلى إبرام مشاريع استثمارية مع دول الخليج، وفي مقدمتها مشروع ضخم في سيناء مع السعودية
في هذا الوقت، لا تزال إجراءات تحريك سعر الصرف ومحاولة تثبيته بشكل غير مباشر، مستمرة؛ في ظلّ حاجة الحكومة إلى توفير السيولة من الدولار، لا سيّما وأن الأموال التي قال محافظ «المركزي» إنها تكفي سداد الالتزامات على الدولة المصرية، لن تكفي لتلبية سائر الاحتياجات الداخلية. إذ خلافاً لعملية الإفراج عن السلع والمستلزمات الأساسية المقدرة بنحو 8 مليار دولار، هناك حاجة إلى تدبير أكثر من ضعف هذا الرقم، لمستلزمات أخرى، في ظل تراكم البضائع على مدار الأشهر الماضية في الموانئ. وفي هذا الجانب، يسعى المسؤولون الحكوميون إلى توفير الدولار للأولويات، الأمر الذي يعني استمرار التعامل بالسوق الموازية، لكن بفوارق أقل في سعر الصرف، قد لا تزيد عن 20% في المرحلة الأولى، خصوصاً مع القبضة الأمنية الصارمة وعمليات ملاحقة تجار العملة، فضلاً عن وعود للتجار والمستوردين بتدبير العملة على مدى زمني أوسع. ولتحقيق هذا «الاستقرار المؤقت»، على الرغم من استمرار تراجع عائدات «قناة السويس»، والتأثر المحتمل تزايده على القطاع السياحي، تعوّل الحكومة على الاستثمارات الساخنة التي يتوقع دخول أموالها خلال الأسابيع المقبلة، وسط استمرار منح الفائدة المرتفعة. كما تعول على جذب شركات عالمية لإقامة مصانع في مصر على خلفية رخص الأيدي العاملة، في ظل تدني الحد الأدنى للأجور عن 80 دولار شهرياً في مصانع القطاع الخاص، فضلاً عن مشاريع استثمارية أخرى تسعى الحكومة إلى إبرامها مع دول الخليج في مقدمتها مشروع ضخم في سيناء مع السعودية.
ويأتي ما تقدّم علماً أن التصورات الحكومية فشلت في تحقيق أي من مستهدفاتها، في ما يتعلق بشجيع الصناعة الوطنية وغيرها من الأمور التي تقول إنها ستحقق استدامة في توفير الموارد الدولارية. ورغم توقعات الحكومة بسعي المواطنين للتنازل عن الدولار الذي قاموا بشرائه من السوق السوداء في الفترة الماضية من أجل الحصول على الجنيه، والاستفادة من العوائد المرتفعة للشهادات الاستثمارية التي جرى طرحها في البنوك بفائدة 30% تناقصية لمدة ثلاث سنوات، فإن هذه التوقعات لا تزال في انتظار مزيد من التطمينات، كي تؤمن سيولة الدولار بصورة أكبر. وفيما تقدر بنوك استثمار دولية تحسّن قيمة الجنيه أمام الدولار، ليسجل متوسط 42 جنيهاً بحلول العام المقبل، يرهن أصحاب هذه التقديرات التحسن المأمول بمدى التزام الحكومة و«المركزي» بما جرى الاتفاق عليه مع «صندوق النقد»، والدائنين الدوليين، وسط تدفق أكثر من 50 مليار دولار إلى الحكومة في غضون ثلاثة أشهر فقط. والجدير ذكره، هنا، أن الحكومة التزمت بإعلان إيقاف المشروعات التنموية التي تقل فيها نسبة الإنجاز عن 70%،، والاستمرار في برنامج الطروحات الحكومية المتوقع أن يدر نحو 15 مليار دولار إضافية على الأقل، في وقت لا يزال فيه هناك تشكيك في مدى التزامها بتعديل موازنة العام المالي المقبل، وفقاً للتصورات التي جرى إعدادها.