القاهرة | رغم تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، السابقة الرافضة لتعويم جديد للجنيه، في أعقاب سلسلة التخفيضات التي بدأت منذ عام 2016، إلا أن الدولة المصرية باتت قاب قوسين أو أدنى من تحريك رسمي لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، مع رفع أسعار الفائدة. ويأتي ذلك وسط دخول الاقتصاد حالة من الشلل الكامل خلال الأيام الماضية، إثر تراجع سعر صرف الجنيه بتسجيله في السوق الموازية 74 جنيهاً لكل دولار، وأقلّ من 31 جنيهاً في البنوك، بنسبة تجاوزت 125%. وكان جرى تقليص النشاطات الاستثمارية للحكومة بنسبة 15% حتى نهاية العام المالي الجاري استجابةً لمطالب «صندوق النقد الدولي»، الذي تزور بعثته، القاهرة، في الوقت الراهن، وسط بوادر لإعلان التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة قيمة القرض، بما لا يقلّ عن الضعف، ومضاعفة المبالغ التي ستحصل عليها القاهرة بشكل فوري.ويبقى تحريك سعر العملة رهن عدة اعتبارات، بعدما قفز سعر الصرف في السوق الموازية إلى أكثر من ضعف السعر المتداول في البنوك التي فرضت قيوداً جديدة على السحب اليومي، من بينها تحديده بحدٍّ أقصى هو 150 ألف جنيه (أقل من ألفَي دولار بسعر السوق الموازية) لمختلف الأفراد، مع اشتراط حصول هؤلاء على موافقة «البنك المركزي» لتنفيذ أي عمليات سحب أو إيداع لمبالغ أكبر من 150 ألف جنيه. ويجيء ذلك في محاولة للحد من السيولة التي وفّرها انتهاء شهادات الفائدة ذات الـ25%، التي طُرحت مطلع العام الماضي مع تحريك سعر الصرف، فضلاً عن طلب بعض البنوك من العملاء تدبير العملة الأجنبية لاحتياجاتهم عند السفر، مع تقليص حدود السحب في الخارج إلى أقل من 250 دولاراً بالنسبة إلى غالبيتهم.
ووفق مصادر «الأخبار»، فإن اجتماع البنك المركزي المقرّر اليوم سيناقش سيناريوَين رئيسييْن: الأول مرتبط برفع للفائدة بنسبة قد تصل إلى 3% بشكل فوري مع تحريك لسعر الصرف، أما الثاني فيرتبط بتأجيل قرار تخفيض العملة في انتظار بداية «البنك الفيدرالي الأميركي» تخفيض الفائدة لجذب الأموال الساخنة، مع مراعاة ما جرى الاتفاق عليه بين مسؤولي «المركزي المصري» وبعثة «صندوق النقد» التي تسعى، حالياً، إلى التأكد من قدرة القاهرة على سداد جميع استحقاقاتها في مواعيدها، في الوقت الذي توسّع فيه حكومتها الاقتراض من الأسواق الدولية. ويفترض أن تسدد مصر حتى نهاية العام الجاري 44 مليار دولار تقريباً من إجمالي قيمة القروض التي حصلت عليها، وفوائدها.
تعيش الأسواق في مصر حالة من الشلل الكامل، وتراجعاً في معدلات تشغيل المصانع


وعلى خلفية الخلاف مع الجهات الخليجية الساعية لتنفيذ عمليات الشراء والاستحواذ بسبب السعر غير العادل للجنيه، وعدم قيام الحكومة بتنفيذ تحريك لسعر الصرف وفق ما جرى الاتفاق عليه عدة مرات، تراجعت الأخيرة عن تحقيق مستهدفاتها من عملية بيع بعض الأصول الحكومية، فضلاً عن تخارج بعض الشركات في الأسابيع الأخيرة أو تقليص نشاطها لعدم قدرتها على تحويل أرباحها إلى الخارج بالدولار، مع استمرار رفض البنوك تنفيذ عملية تحويل أرباح الشركات الأجنبية. وعلى خلفية ترقّب القرارات الحكومية، وسط تأكيدات رسمية بأن الوضع الحالي لن يستمر طويلاً، تعيش الأسواق في مصر حالة من الشلل الكامل، وتراجعاً في معدلات تشغيل المصانع بشكل ملحوظ في قطاعات عدة، في ظل النقص الحادّ في توافر العديد من مستلزمات الإنتاج، وذلك نتيجة لتوقف البنوك عن تأمين الدولار للاستيراد بالسعر الرسمي. وألجأ هذا التوقف المصنّعين إلى الحصول على العملة من السوق الموازية، ما دفع إلى زيادة في الأسعار طاولت جميع المنتجات، حيث قفزت أسعار عدد كبير منها بأكثر من 100% خلال الشهر الجاري. كذلك، تستعدّ الحكومة لتطبيق حزمة من زيادة الأسعار في المحروقات، بالإضافة إلى الخدمات الحكومية، وفق التعهدات التي قدّمتها لبعثة «صندوق النقد»، في ظلّ توقّعات بتراجع في معدلات النمو المستهدفة وزيادة مؤكّدة في الديون وفوائدها في الميزانية التي تُختتم في 30 حزيران/ يونيو المقبل.