الدور المفقود للاتحاد العمالي العام احتل حيزاً واسعاً من مؤتمر المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين لإطلاق التقرير السادس بشأن التحركات والانتهاكات والتشريعات خلال عام 2017. الأكثر بروزاً على لائحة التحركات والمطالب كان، بحسب عضو الهيئة الإدارية للمرصد حنان يونس، انحسار الاحتجاجات المطلبية للاتحاد مقابل تراجع الحماية الاجتماعية لكل اللبنانيين وسط التضييق المستمر على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. يونس عزت عدم تسجيل 50% من العاملين في لبنان في الصندوق إلى عدم إصدار مراسيم تنفيذية لتشغيل فروعه كافة وعدم ملء الشواغر وضعف جهاز التفتيش وعدم وجود عدد كاف من الموظفين لملاحقة المؤسسات والشركات المتخلفة عن التسديد ودفع الاشتراكات. الضمان يواجه اليوم، كما قالت، معركة تفليسه حيث تسعى السلطة إلى نهب أمواله المقدرة بـ15 مليار دولار تمهيدا لإعلان إفلاسه وخصخصته.
بحسب يونس، غاب الاتحاد غاب أيضاً عن الحد الادنى للأجور، ورغم مرور 6 سنوات على التعديل الأخير، «لم يفكر أن يستغل إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب لإطلاق موجة جديدة من التحركات في القطاع الخاص لحماية القدرة الشرائية». وسألت ما إذا كانت مطالبة رئيسه بشارة الأسمر برفع الحد الأدنى في هذه الأيام تندرج في اطار التوظيف السياسي في الانتخابات النيابية وستنتهي بانتهائها.
كذلك أثارت قضية مجالس العمل التحكيمية وكيف أنّ العمال يبقون أمامها لسنوات طويلة ما يتيح لأرباب العمل الضغط عليهم واجبارهم على قبول ما هو أقل من حقوقهم كي لا يضطروا إلى انتظار صدور الحكم. واعتبرت أن أزمة المجالس ليست مرتبطة بعدم اهتمام الاتحاد بالجانب القانوني والضامن لحقوق العمال، بل «إنّ الاتحاد هو جزء من المشكلة إذ أن أغلبية ممثلي العمال في هذه المجالس من الذين ينتدبهم الاتحاد يعوزهم الكثير من المعرفة والكفاءة النقابية والقانونية».
وكان المرصد قد طوّر نموذج تقريره السنوي لهذا العام، فلحظ للمرة الأولى التشريعات والاستشارات إلى جانب الاحتجاجات. ورأى معدو التقرير أنّ عام 2017 سجّل عودة بطيئة للتشريعات بعد تغييب طويل لدور مجلس النواب رغم تمديد ولايته، ومن أبرز هذه التشريعات: قانون الايجارات الذي يقوم على تحرير تدريجي للعقود من دون رؤية إسكانية، وقانون الضرائب الرقم 66 الذي رفع العبء الضريبي على أصحاب الدخل المحدود، وفرض للمرة الأولى ضرائب على عقود البيع العقاري، وقانون السلسلة الذي أقر بعد صراع طويل خاضته هيئة التنسيق النقابية.
وفي رصد الانتهاكات، تلقى المرصد 169 استشارة، تتعلق 43.7% منها بالصرف التعسفي. ولاحظ تدني طلب الاستشارة من الاناث، اذ بلغت نسبة طالبات الاستشارة 36% فقط، تركز اهتمامهن على ساعات العمل والاجازات، ولم يعطين أهمية للأجر والضمانات الاجتماعية.
وعلى صعيد القطاعات، سجّل القطاع التجاري أعلى نسبة انتهاكات (37%) تلاه قطاع الاعلام (12%). ورغم أنّ قطاع منظمات المجتمع المدني مدافع عن الحقوق كما يفترض، فقد احتل المرتبة الرابعة بنسبة 10.6%.
إلى ذلك، واصل المجتمع اللبناني، بحسب التقرير، انكماشه عن التحرك في مواجهة الاوضاع الاقتصادية، فسجل عام 2017 ادنى نسبة تحركات خلال الاعوام الماضية، وشهد لبنان 71 تحركاً فقط. واستحوذ القطاع العام على أعلى نسبة تحركات (49%)، وتركزت الاحتجاجات في المؤسسات العامة لاسيما قطاعي الاستشفاء والطاقة. أما تحركات القطاع الخاص فوصلت إلى 4.2% فقط من مجمل التحركات. وبلغت نسبة التحركات في القطاع الصناعي 7%.