من الضروري أن يوثّق «الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيّين» في البصرة لملتقى قصيدة النثر الأوّل الذي أقيم العام الماضي بسبب النجاح الذي حققه باعتراف النقاد. وقد جمع الاتحاد قصائد الشعراء الـ60 الذين شاركوا في الملتقى وأصدرها في كتاب بعنوان «قصيدة النثر... الملتقى الأوّل في العراق» (دار تموز، دمشق). وتوّج العمل بمقدمة ترصد الرؤية العامّة لهذا النمط من الكتابة الشعريّة في عراق اليوم.. الإنجاز المهم الذي حققه الملتقى، وبعده الكتاب طبعاً، أنّه جمع نصوص الأجيال المتجاورة من شعراء الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وصولاً إلى شعراء الجيل الجديد. تصدّرت الكتاب نصوص الشاعر الستيني ياسين طه حافظ، ومنها «رسالة حبّ» التي جاء فيها: «لا أنا ولا أنت نملك وعوداً/ ولا أنت ولا أنا نرتضي أن نعود/ إلى متاهتنا الأولى، إلى الأرض الخَرِبة/ مثلّمة الأسنان».

واحتوى العمل كذلك على قصائد لشعراء من جيل السبعينيات، من بينهم عادل مردان الذي يقول في قصيدته «عُطل البلاد الوافرة»:
دائماً في (رأس السنة)/ تجلس الروزنامات على أرائكِ الليل/ وتحدّقُ ذاهلة بوجوه الصمت/ العُطل هي العُطل/ عطل السنة الوافرة».
الجيل الثمانينيّ كان له حضور في الملتقى والكتاب الخاصّ به. من بين أبناء هذا العقد الشعريّ، نعثر على محمد تركي النصار، الشاعر المغترب الذي عاد أخيراً إلى بلاد الرافدين، ونقرأ له في «جاذبية»: «لا أظنّ/ أنّ نهراً يحتال على ملاك/ بل إنّ الجحيم / لا وقت لديه/ لتفقد بطولات/ وسجالات بالية...».
شعراء التسعينيات الذين شاركوا في أيام الملتقى، جاءت نصوصهم على تماس بمشكلات الحياة ومغادرة الترميز الثمانينيّ، وخير مثال قصيدة «ملاكٌ يبحث عن تفاحةٍ في قمامة الشارع» لنصير غدير: «آه لقد انقطع سلك المولدة/ ثالثةً!/ وثالثة وثالثة وثالثة/ أقفُ أمامَ زيتِ حياتي/ وسخامها/ وأجرف العظامَ الناتئة/ من أخلاق السوق والمدينة..». أما هنادي جليل، فتعد من الأصوات النسائية الجديدة التي ظهرت بعد عام 2003. وقد ضم الكتاب قصيدتها «مطاردة المؤلف»: «ماشية وحدي في موكب عرس/بحُريّة العاصفة/ وبموسيقى الشلال/ وكما الكتاب/ الذي سحبته من الرفّ/ أسطع/ وأسقط بمهارة/ على نافذة المؤلف...».