القاهرة | يعدّ «فرقة ناجي عطا الله» الأفضل تسويقاً في رمضان، وهناك شبه إجماع على أنّه يتمتع بالكثير من العناصر الجذابة، لكنّ الأمر لم يخلُ من انتقادات خصوصاً عندما يكون البطل عادل إمام. صحيح أنّ تل أبيب تشكّل القاسم المشترك بين فيلم «ولاد العم»، و«فرقة ناجي عطا الله»، إلا أنّ وجه الشبه بين العملين يتوقّف هنا.
في الفيلم الذي لا تزيد مدته على ساعتين، تأتي شوارع تل أبيب مسرحاً لعملية حيث تحاول مواطنة مصرية استعادة أولادها بعدما خطفهما الجاسوس الاسرائيلي. أما في «فرقة ناجي عطا الله»، (إخراج رامي إمام، وتأليف يوسف معاطي) فنحن أمام مسلسل كامل تدور أحداثه في شوارع تل أبيب (صوِّرت في تركيا) ويتناول التطبيع من الزاوية التي كان نظام مبارك يروّج لها أي باعتباره أمراً حتمياً.
نرى البعثة الدبلوماسية المصرية في تل أبيب تقوم بعملها وتتعرّض لانتقادات بوصفها مطبّعة مع كيان عدو، فيعجز الملحق الاعلامي جمال عبد الناصر (ياسر علي ماهر) عن التكيّف (لاحظوا دلالة الاسم)، ويعود إلى مصر. يبقى ملحق السفارة ناجي عطالله الذي يملك أموالاً طائلة في مصارف اسرائيلية ويقرض «أصدقاءه» الاسرائيليين بعد أن يحصل على ضمانات خطية منهم. يقدم المسلسل سكّان تل أبيب باعتبار أنّهم لا يؤتمنون على شيء، لكنّه يصوّرهم كبشر أيضاً: أحدهم (يجسده هناء عبد الفتاح) من أصول مصرية يردّد أغنيات عبد الوهاب وأم كلثوم. ومن أجل خاطر ناجي عطا الله، يقدّم لضيفه المصري المستجد في تل أبيب طبقاً من القريدس رغم أنّه حرام في الديانة اليهودية، فيدخل اثنان من الحاخامات ويقلبان الطبق في وجه عادل إمام بعد أن يكون صديقه قد غادر المطعم. يستقبل ناجي عطا الله الموقف بابتسامة عاجزة، لكنّ هذا المشهد الذي أثار الجدل، ربما أراده صنّاع العمل للدلالة على التطرّف الموجود في كل الديانات. أما عنصرية الاسرائيليين وتمييزهم بين اليهود، فيتمثلان في شخصية رافي (تميم عبده) الذي هو أيضاً صديق ناجي عطا الله. يثير الأخير ريبة ضابط الشاباك الكاره للعرب (فادي ابراهيم) ويقرر النيل من عطا الله الذي يقع في شر أعماله ــ حسب ضابط الشاباك ــ عندما يهاجم اسرائيل في تصريح لقناة مصرية. يقول ناجي إنّ الجيش المصري أوجع نظيره الاسرائيلي في حرب أكتوبر وأنّ السفارة المصرية تحتفل بعيد ثورة يوليو في تل أبيب كما يحلو لها. وعندما يُسأل: «هل ستحضر احتفال اسرائيل بذكرى التأسيس التي توازي ذكرى نكبة فلسطين؟» يتهرب ويجيب بطريقة عادل إمام، لا الدبلوماسي ناجي عطا الله، مؤكداً أنّ هؤلاء لا يحتفلون، بل يبكون قتلاهم ويندبون خسائرهم في الحروب. هذا المشهد أثار الكثير من الجدل الذي قد يختفي في الحلقات المقبلة، فمن المنتظر أن يُطرد ناجي عطا الله من اسرائيل، وتُصادر أمواله لكنّه سيعود بعد تشكيل فرقة لسرقة المصرف. انطلاقاً من هنا، ستسير الدراما في منحى مختلف. بالتالي، ما زال المتفرج يحتاج إلى الوقت كي يتأكد مما إذا كان «الزعيم» سيضع أعداء التطبيع والمطبّعين في سلّة واحدة كما فعل في فيلم «السفارة في العمارة» أم أنّه سيأخذ اتجاهاً آخر.

«فرقة ناجي عطا الله» على LBCI (18:50)، «أم. بي. سي» (17:30)، «الحياة» (01:00 فجراً)



الأخت تريز تجرّب نار الفتنة

قصة المسلسل بحد ذاتها مثيرة للاهتمام. توأم ينفصل في أيامه الأولى. إحدى الفتاتين تتربى في أسرة مسلمة، والأخرى تذهب إلى أسرة مسيحية فتصبح راهبة، لكنها تنشأ على اقتناع بأنّ المسلمين يضطهدون شركاءهم في الوطن. تجسّد حنان ترك في «أخت تريز» شخصية راهبة متعصّبة تخدم في الكنيسة وتعلم الأطفال أصول الكتابة والرسم والألوان، لكنها في الوقت نفسه تحاصرهم بتشددها. تطلب من والدة أحدهم عدم نقله من المدرسة وإدخاله في حضانة عامة تضم مسلمين لأنّه سيتعرض لمشكلات معهم مثلما كان يحدث لها وهي طفلة في مدرسة عامة.
في مشهد آخر، تعنّف تريز فتاةً ترتدي بنطالاً ضيقاً، لأنّها لا تريد لها أن تتعرض لمضايقات المسلمين. لكنّ القسيس يتدخّل مؤكداً أن التطرف لا يفيد، وأنّ ذكريات تريز السيئة مع بعض المسلمين لا يجب تعميمها. في خط موازٍ، يتعرض تاجر مسيحي لمضايقات بسبب شكوك في مواصلته في تربية الخنازير. الغاضبون في القرية التي تقع في صعيد مصر حيث تقع معظم المشكلات الطائفية، لا يهتمون بأنفلونزا الخنازير، فهم لا يقبلون أن يربي جارهم حيواناً محرماً في الإسلام، ليتدخل أمن الدولة ويحلّ المشكلة بالضغط على التاجر المسيحي لقبول الصلح.
قضية المسلسل ساخنة فعلاً. ويبدو أن تصريحات الرقابة بشأن إمكان منع عرضه قبل رمضان كان هدفها إبراء الذمة من القضايا الجدلية التي يطرحها «أخت تريز» الذي يعدّ أول مسلسل يقدم إجابة عن السؤال الصعب: «كيف تبدأ حوادث الفتنة الدينية في مصر؟». لكن التشدد هنا موجود لدى الطرفين، وفريق العمل اشتغل بحساسية كبيرة كي لا يقع في فخ الانحياز. يبقى الانتظار معلقاً على اللحظة المفصلية التي يلتقي فيها التوأم: الراهبة، والفتاة المتدينة التي ترتدي الحجاب وتحاول التزام تعاليم الإسلام. الأخت الراهبة ستكون مطالبة بأن تقبل شقيقتها المسلمة، هي التي تعدّ المسلمين «أشراراً» كما قالت في أحد المشاهد، بينما الأخت المسلمة كبرت في عائلة متشددة تعدّ المسيحيين مواطني درجة ثانية. هكذا إذاً، يقف «أخت تريز» على المحك، فهل يسهم في كشف الأيادي الخفية التي تقف وراء الفتنة، أم أنه سيثير هذه الأخيرة من جديد؟
محمد...

* «أخت تريز» على «النهار دراما» (00:00)