أوّل من أمس، بدأت أخبار على mtv باستنكار «الحملة المبرمجة على ماجدة الرومي التي اتهمت بالطائفيّة، ورميت بأبشع الصفات لذنب لم ترتكبه، ومواقف لم تطلقها». وهذا ما أوضحته المحطّة الأسكس في الشرق الأوسط الجديد، عبر تقرير جمع كميّة لا تصدّق من الانشائيّات والمغالطات والاختزالات، من دون أن يضيف شيئاً إلى الوقائع المعروفة. دائماً يتراءى لـ mtv أنّ هناك مؤامرات خفيّة، تحرّك خيوطها كائنات مقيتة تضمر الشر لـ «الوطن» و«الحريّة». ودائماً يأتي طرزان لكشف المؤامرة وفضح مرتكبيها.
ليلة الثلاثاء، كان جان نخول صاحب التقرير عن ماجدة الرومي الذي استُهِلّت به النشرة المسائية. قال المغرضون إنّها بايعت ديكتاتور البحرين في افتتاح «صيف البحرين» ليلة الأحد. لكن المفتّش كولومبو كشف أننا فهمنا كل شيء بالمقلوب: لقد ذهبت المطربة اللبنانيّة إلى المنامة دفاعاً عن الديمقراطيّة والحريّة، ولادانة النصرة والسلفيين، ولمواصلة جهادها ضد إسرائيل.
بحثنا عن هذه الحملة المغرضة على ماجدة الرومي، فلم نجد إلا تغطيات خجولة، والصفحة التي خصصناها للحدث. مرّة أخرى ترد «إم تي في» على «الأخبار» ولا تجرؤ على تسميتها. ينهر كولومبو نخّول هواة «اجتزاء الخطابات» الذين «قرنوا ماجدة الرومي بالنعوت الطائفيّة، في حين أنّها كانت تجدد موقفها المناهض لاسرائيل». لم نجد أي أثر للـ «الطائفيّة» في ما كلّ كُتب عن سقطة ماجدة البحرينيّة! التهم الطائفيّة لا تأتي إلا من الدماغ المريض لإعلام فيلتمان. كلمة «الشيعة» دسّت مرّتين كالسم في تقرير mtv، فيما نتحدّث نحن عن انتفاضة شعب مقموع، ومعارضة مضطهدة ضدّ نظام دموي مستبد، يوازي سائر الانظمة الاستبداديّة الخليجيّة والعربيّة. ويبقى أطرف ما في تقرير المر تي في، استهلال على قدر عال من الجدليّة: «عندما يصل الارهاب الفكري والفنّي إلى حدّ تناول ماجدة الرومي، فهو يعني انتهاك رمز من رموز لبنان». تهمة «الارهاب الفكري» باتت سلاحاً صدئاً بيد رسل الانحطاط والاستلاب والتواطؤ مع الجلاد. ما إن تفتح فمك لتشهد بالحق، حتّى تجد نفسك على لوائح الإرهاب! الإرهاب يا أصدقاء، أن نمنع النقد والجدل والنقاش، مفضّلين الديماغوجيّة على الاقناع، والاختزال على المنطق، والتخوين على المحاججة.
الابتزاز نفسه لجأ إليه مدير أعمال إليسا أوّل من أمس أيضاً، على إذاعة «صوت الغد»، خلال برنامج «بخصوص هالشي» الذي يقدمه رجا ناصر الدين ورودولف هلال. قال أمين أبي ياغي إنّه يحمّلنا «كل المسؤوليّة في حال تعرّضت إليسا لأي أذى». واضح أن الامبريزاريو لا يتفوّق كثيراً على نجمته الحلوب بالذكاء والوعي وحس المسؤوليّة. فهو يفكّر مثلها أنّ أهل الضاحية مجرمون وقتلة، ويتعامل مع الكتابة النقديّة الهادئة مثل جان نخّول، بصفتها ارهاباً وتحريضاً. يا للمشهد المشوّش الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام النصّابين والمزوّرين والطفيليين. هكذا يصبح الاعلام تضليلاً، والدفاع عن النفس لغواً، والسجال حرباً أهليّة.

يمكنكم متابعة بيار أبي صعب عبر تويتر | PierreABISAAB@