غزّة | لطالما فاض الإعلام الفلسطيني بالكليشيهات الرتيبة عن المرأة. ولطالما استسهل إسقاط نظريات جاهزة على الواقع الفلسطيني وإشكالياته من دون تشريحه.هذا المشهد الإعلامي المهتزّ، حاول برنامج «فلسطينيات» صوغه من جديد بديناميكية عالية وبمفاهيم تكسر الصور النمطيّة عن المرأة. هذا البرنامج الذي سيلوّن الفضاء التلفزيوني قريباً ويقارب القضايا من وجهة نظر نسوية، تقف خلفه مؤسسة «فلسطينيات» (راجع الكادر) التي تشكّل حاضنة للإعلاميات الفلسطينيات وجسراً للتواصل بينهن، رغم الحدود والحواجز الجغرافية الراسخة بين الضفة الغربية وقطاع غزّة.
اللافت في هذه التجربة أنّ الموضوعات والقضايا المطروحة ليست خاضعة للتمييز الجندري أو التقسيم الطبقي، بل تسلّط الضوء على اشتباك المجتمع بجميع مكوّناته مع همومه اليومية وأحداث الساعة.

كما أنّ ارتدادات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزّة تستحوذ على النسبة الكبرى من الموضوعات المطروحة. ويُعزى ذلك إلى تزايد التأثيرات السلبية للحصار المفروض على القطاع منذ ثماني سنوات، بعدما بدأت عجلة إعادة إعماره بالدوران عبر الأيادي التي أحالته أكواماً من الركام.
صحيحٌ أنّ معالجة هذه المسائل إعلاميّاً لا تتطلّب الكثير من التفكير، غير أنّ الخلخلة الواضحة في البنية الاجتماعية الغزيّة على وجه التحديد فرضت على البرنامج صبغه بطابع واحد بعيد عن ملامسة محظورات المجتمع وتجاوز الخطوط الحمراء.
مثلاً، يتناول «فلسطينيات» في أولى حلقاته آلية إعادة الإعمار، مع التعريج على العلاج النفسي لأهالي القطاع بعد الحرب.
ويناقش في حلقات أخرى أسباب عدم تسيّد الشباب الفلسطيني المشهد السياسي، وحالة الإحباط التي تجتاحه بفعل انسداد الأفق أمامه بفعل إفرازات الحرب الاقتصادية تحديداً،
تقدّمه وفاء عبد الرحمن ويقتصر الطاقم على الجنس اللطيف


ما حدا به إلى ركوب البحر الشهر الفائت بطريقة غير شرعيّة وابتلاع مياه المتوسط بعدما وقع ضحايا حيتان المال ومافياته.
كما يبحث البرنامج في الكوارث الإنسانية التي تنطوي عليها أزمة مياه الشرب الحادّة في القطاع، حيث إنّ 95% منها ملوّثة بيولوجيّاً وبيئياً.
ورغم قتامة الواقع الفلسطيني المتخم بالتصدّعات السياسية والاجتماعية، إلّا أن الباعث على التفاؤل في هذا البرنامج يكمن في تقديم نماذج نسوية قادرة على تفسير الواقع وقراءة أبعاده بعين تحليلية دقيقة. ومع استقبال هذه النماذج من محلّلات وخبيرات واختصاصيات وشابّات متطلّعات، يرسّخ «فلسطينيات» أفكاراً عدّة كأنّ التحليل السياسي ليس حكراً على الرجال، بل إنّ المرأة محرّك أساسي في هذا المجال أيضاً. ومثلما جميع الضيوف من النساء، فكذلك طاقم العمل مؤلف من عشر نساء.
وقد تكون هذه النقطة مفصلية والأكثر خطفاً للأنظار، وخصوصاً أنّ الإعلام الفلسطيني اعتاد اختزال دور المرأة الإعلامي في التقديم والمراسلة والإعداد من دون خوض تجربة التصوير والمونتاج والهندسة الصوتيّة وغيرها.
هذا البرنامج يستكشف مهارات وخبرات عشر نسويات في كل جوانب العمل التفلزيوني من ألفه إلى يائه، علماً بأنّ الفريق يضم مخرجات أفلام وثائقية، ومراسلات لفضائيات تلفزيونية. كما يتجاوز واقع العمل المكتبي للمرأة عبر منحها فرصة النزول بقوّة إلى الميدان والوقوف أمام عدسات الكاميرا وخلفها أيضاً، وهو ما لم يعتده المجتمع الغزيّ المحكوم بمنظومة من العادات والتقاليّد المقيّدة لحريّة المرأة.
يجول فريق العمل بين شوارع القطاع والضفة، وتقتحم كاميراته المخيّمات وأزقّتها الضيقة، بهدف إنتاج تقارير ميدانية تتناغم مع طبيعة القضية المطروحة داخل الاستديو، حيث يُصوّر لكل حلقة تقريران من القطاع وآخر من الضفة بهدف عرضها قبل كل محور من محاور الحلقة الثلاثة. كل ذلك بهدف تدعيم المحتوى واستطلاع آراء الجمهور. كما اشتغل فريق البرنامج على فكرة رفض واقع التجزئة بين الضفة الغربية وقطاع غزّة بطريقة مدروسة، وذلك عبر تبنيه خطاباً وحدويّاً يثبت أنّ الهموم والقضايا مشتركة، رغم أنّ خطته البرامجية محدّدة. خطة تتمثل في بث ست حلقات من الضفة ومثلها من القطاع.
ومن المزمع عرض البرنامج الذي تقدّمه مديرة «فلسطينيات» الإعلامية وفاء عبد الرحمن على فضائية «الفلسطينية» وشاشة «وطن» المحليّة، إضافة إلى بثه عبر أثير إذاعتي «الشعب» و«ألوان» المحليتين.




تعرّف إلى المؤسسة

دشّنت الإعلامية الفلسطينية وفاء عبد الرحمن مؤسّسة «فلسطينيات» عام 2005، لينتمي إليها الآن ما يزيد على 290 صحافية من غزّة والضفة الغربية. كثّفت «فلسطينيات» نشاطاتها ومجالات عملها، أبرزها «نادي المناظرة»، و«نادي الإعلاميات»، إضافةً إلى قسم «إعداد البرامج» الذي تزوّد عبره الفضائيات بأهم البرامج السياسية، والاجتماعية، والأفلام الوثائقية التي تشرف على إنتاجها. كما أنّ اللافت في هذه المؤسسة أنّ خدماتها لا تقتصر على الإعلاميات المتمرّسات، بل تقدّم عدداً من الدورات التدريبية لطالبات كليات الإعلام والمتخرجات حديثاً.