حدث تشكيليّ جماعيّ يقام سنوياً في قاعة المعارض في قصر الأونيسكو، أقيم قبل أيام أيضاً، برعاية وزير الثقافة محمد وسام مرتضى. يمكن أن نميّز بين مرحلتين تشكيليتين في هذا المعرض: ثمة أعمال لمحترفين من جيل الستينيّات والسبعينيّات والثمانينيّات الذي يضمّ فنّانين معروفين ذوي تجارب مهمة مثل رفيق شرف الحاضر بأعمال عدة كتحية له، وفي المقابل لدينا عدد وفير من الهواة وخرّيجي معاهد فنيّة تختلط فيها المواهب الشبابية الواعدة مع تلك التي تحتاج إلى كثير من الدُّربة وامتلاك الأدوات التي تتيح إبراز تجاربها.
عمل لجورج يعقوب من المعرض

وثمة ملاحظتان: الفئة الأولى من الفنانين المحترفين لم تقدم لنا أفضل أعمالها، كأنّ فنانيها استهانوا بهذه المناسبة الجماعية. ثانياً، كان بإمكان اللجنة أن تكون أكثر حرصاً وصرامةً في اختيار الأعمال الشبابية، كي لا تكون هناك فروق كبيرة بين الجيل الماضي والجيل الحاضر. كنا نتوقع أن تكون هناك بعض الأسماء الجديدة النضرة المختلفة، لكننا لم نجد منها إلا القليل، أما الباقي فكان يمكن الاستغناء عنه بمعرض خاص للناشئين والهواة.
رغم كل ذلك، يمكن أن تعطي هذه التظاهرة فكرةً واضحةً عن واقع الفن التشكيليّ اللبناني وأن تكون فاتحة لاحتفاليات مشابهة تعزز المواهب الواعدة ومعها تلك المكرّسة.
مستويات متفاوتة فيها ما هو بدايات فنانين ناشئين تعوزهم الرؤية الفنية والتقنيات والسيطرة على أدواتهم وتجاربهم التي تحتاج إلى مزيد من النضج والصبر والثقافة الفنية والمهارات والتقنيات قبل عرضها في الغاليريهات أو في التظاهرات الفنية الجماعية. ولذلك فهي تُصنف فئة هاويةً هي قيد تشكيل أسلوبها وأدواتها.
الفنانون المحترفون لم يقدّموا أفضل أعمالهم


واضح أنّ المدينة لا تعيش، فنياً وتشكيلياً، أفضل أيامها عطاءً وإبداعاً، إنّما تعاني بالأحرى ندرة في المواهب ووفرةً في من يدّعون الفن. نحن في أفضل الأوصاف أمام حالة من «النشاط الفوضوي». غياب عدد كبير من الفنّانين المكرّسين عن المعرض أحدث فراغاً ملأته الهواية الفنّية التي لا تستحقُّ أن تُفرد لها مساحة مماثلة، فالفنانون القديرون الغائبون عن التظاهرة هم إمّا خارج الوطن أو غير معنيّين بما ينظّم عشوائياً على هذا النحو. الكمية لا تصنع النوعية.