دمشق | يعتبر بعض متابعي الدراما أنّ فكرة ارتباط جودة العمل التلفزيوني باسم المخرج حاتم علي، لم تعد واقعية، باعتبار أن السنوات الأخيرة من حياة مخرج أهم المسلسلات السورية ارتبطت بالإخفاقات المتتالية! والدليل كلّ ما قدّمه في مصر، ومروره بشكل عابر من دون أن يترك أثراً، إلى جانب مسلسله السوري «أوركيديا» (كتابة عدنان العودة) الذي خلّف نتائج كارثية، رغم حشد النجوم الكبير، الذين لم يجتمعوا سابقاً في عمل واحد، إضافة إلى الميزانية الضخمة التي رصدها له المنتج هلال أرناؤوط (إيبلا الدولية). لكن عندما تضع الأمور في نصابها، لا يمكن الحديث عن صاحب «عصيّ الدمع» (كتابة دلع الرحبي) بالطريقة ذاتها التي يمكن أن نحتكم إليها عند الحديث عن أيّ مخرج آخر، رغم مزاج الملل الذي يسيطر عليه. الرجل صاحب تاريخ حافل بالنجاحات. هو الذي أسس بشكل أو بآخر لتسيّد الدراما السورية المشهد الفضائي العربي لفترة ليست قصيرة؛ إذ دشّن تجربة المتصل المنفصل في «الفصول الأربعة» (دلع الرحبي وريم حنا) التي تركت صورة مضيئة عن الحياة الاجتماعية السورية، بالاتكاء على كركتيرات حياتية مشبعة بالمعطيات الدرامية. كما قدّم أهم عمل تلفزيوني عربي صنع عن فلسطين المحتلة هو «التغريبة الفلسطينية» (كتابة وليد سيف)، إلى جانب الإنجازات المتمثلّة في المسلسلات التاريخية التي تفوّقت على فكرة استهلاكية التلفزيون، وصارت مادة متابعة كلّما عرض «الزير سالم» (ممدوح عدوان) و«ثلاثية الأندلس» (وليد سيف). وهو الذي قدم صياغة رومانسية بأسلوبية بصرية مختلفة ومتجددة، في «أحلام كبيرة» (أمل حنّا) و«على طول الأيّام» (فادي قوشقجي)... كل ذلك الزخم المعتمد أصلاً على فكرة سبك العمل وفق منطق المشهد الواحد المكتمل درامياً، كأنه قصّة قصيرة مكتوبة بصرياً، يجبر أي مهتم على أن لا يهضم هذا المخرج حقّه.
أخيراً، يعود حاتم علي إلى سوريا لينجز عملاً تاريخياً لرمضان 2019 مستفيداً من استديوهات مدينة «صورة» الإنتاجية التي يملكها وتقع في دير علي غرب دمشق بالقرب من مدينة الكسوة، بعدما ساد الهدوء مفاصل العاصمة وريفها، وصار بالإمكان إنجاز أعمال ضخمة من دون مغامرات غير محسوبة.