التوثيق مدخلاً للتغيير القانوني

  • 0
  • ض
  • ض

عند الثالثة من بعد ظهر اليوم، تفتتح أبواب «سجن رومية» استثنائياً أمام الناس للقاء مجموعة من السجناء. «جوهر... في مهب الريح» لن تكون رحلة مسرحية كسواها، ولا تخضع فيها علاقة المتفرج مع الممثلين على الخشبة للحياد الجاهز. المتفرج مدعوّ إلى الجلوس في إحدى باحات المنزل العملاق، والمؤبد لجزء كبير من السجناء أبطال العمل. هذه المرّة سنستمع إلى قصص عن المرضى النفسيين داخل السجن. حالات لا تكفّ زينة دكاش عن استثارتها ضمن عملها في «كاتارسيس ـ المركز اللبناني للعلاج بالدراما». بين العلاج بالدراما الذي يتطلب ساعات من الجلسات العلاجية مع السجناء وإخراج قصصهم وتأطيرها ضمن قالب أدائي يخضع في كثير من الأحيان للظروف الصعبة والمتقلبة للمشاركين فيه، تحول دكاش هذه القصص إلى وسيلة لتوثيق التجاوزات اليومية التي تنفذها السلطة القانونية بحق المواطنين. توثيق يشكل المدخل الأساسي نحو التغيير القانوني ضمن مشروع «قصة منسيين خلف القضبان» الذي نفذ فيه «كاتارسيس» بدعم من «الاتحاد الأوروبي»، دراسات؛ أبرزها «الصحة النفسية في السجون اللبنانية» التي تهدف إلى تعديل القوانين في السجون اللبنانية. على هذا الهامش، تواصل دكاش ما يشبه التطهير والتأهيل النفسي للسجناء والمدمنين. قبل سفرها إلى أميركا للتخصص في العلاج بالدراما، عملت الممثلة والمخرجة اللبنانية في جمعية «أم النور» مع مدمني المخدرات، لتطلق بعد عودتها «كاتارسيس» عام 2007. البداية كانت مع «12 لبناني غاضب». مسرحية خرجت إلينا من «سجن رومية» أيضاً عام 2009، قبل أن تتحول إلى شريط وثائقي نال جائزة «المهر الذهبي» لأفضل فيلم وثائقي في «مهرجان دبي السينمائي». ضمن قالب مستوحى من مسرحية الأميركي ريجنالد روز «اثنا عشر رجلاً غاضباً»، استمعنا إلى قصص المساجين وأصدقائهم التي كسرت جمود القوانين، إذ استطاعت التوصل إلى تنفيذ قانون «تنفيذ العقوبات» الذي ينصّ على خفض مدة عقوبة بعض المحكوم عليهم. سجن بعبدا للنساء كان المحطة التالية (عرض "شهرزاد ببعبدا" ـ 2013). وبعيداً عن القوانين نفسها، استطاع العمل بعد 10 أشهر، أن يستثير جوانب وأوجهاً عدة للسجينات اللواتي تختلف معاناتهن من نواح عدة مع معاناة الرجال. معاناة يحرسها وينميها المجتمع الذكوري في لبنان؛ أهمها «جرم الزنا» وجرائم غريبة أخرى. ظروف ومراحل العمل شاهدناها في فيلم حمل العنوان نفسه عام 2013، يظهر كواليس المسرحية والجلسات الطويلة لزينة دكاش مع السجينات. إلى جانب السجن الحقيقي، اخترقت دكاش سجوناً أخرى كـ«مستشفى الفنار للأمراض النفسية والعقلية والعصبية»، الذي عملت فيه مع 16 نزيلاً شاركوا الجمهور بقصص التهميش والهواجس والظروف المحبطة التي يواجهونها داخل عزلتهم في قالب مسرحي يعود نصّه بالكامل إلى قصصهم وارتجالاتهم. أغلب هذه الأعمال تهدف إلى تغيير التعامل مع المشاركين بها، وبطاقة اعتراف بهم. هكذا كان لا بد من العمل مع 20 عاملة وعاملاً أجنبياً العام الماضي في عرض «شبيك لبيك»، لتظهير معاناة الآلاف منهم بسبب قانون العمل الذي يجردهم من حقوقهم الصغيرة، أهمها الدفاع عن أنفسهم في وجه العنصرية اللبنانية المستفحلة.

0 تعليق

التعليقات