«إنّ قراءة النصّ الروائي بهدف اقتباسه للسينما، هي بمثابة قراءة لنوتة موسيقية، تتطلّب مهارة فائقة في المحكي الفيلمي». بهذه العبارة يختزل الناقد السينمائي المغربي حمادي كيروم العلاقة بين الرواية والفيلم السينمائي. يبحث
![](/sites/default/files/old/images/p12_20070511_pic3.jpg)
ويشير في كتابه «الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي السينمائي» (وزارة الثقافة ــــ دمشق)، إلى نماذج من الصدام بين الروائي والسينمائي. فقد أعربت مارغريت دوراس مثلاً، عن عدم رضاها عن شريط «العاشق» المقتبس عن رواية لها بالاسم نفسه والذي حمل توقيع المخرج جان جاك آنو. وتكرر الأمر ذاته في اقتباس آنو لرواية أمبرتو ايكو «اسم الوردة». هكذا فإنّ «خيانة» المحكي الروائي ضرورة سينمائية لاختلاف وسائل الخطاب ومقاصده السردية. فمهمة الفيلم حسب أندريه تاركوفسكي تسجيل الزمن المرئي وتخزينه مع إمكان عرض تدفقه لمرات، ذلك أنّ الكفاءة الإبداعية للسينمائي تكمن في قدرته على «نحت الزمن».
ويختار صاحب «أجنحة الرغبة» نموذجاً عربياً في الاقتباس السينمائي من الرواية، فيحلل فيلم «بداية ونهاية» الذي اقتبسه صلاح أبوسيف عن رواية نجيب محفوظ. ويخلص إلى أنّ الشريط اختزل الرواية التي تتألف من 92 فصلاً إلى 70 مشهداً عبرت خلف فضاء بصري يقوم على سطوة المكان أولاً وسطوة الراوي في تفكيك الحدث لتحقيق دينامية السرد السينمائي.
ويرى حمادي كيروم أن «السينماتوغرافية» في السينما هي المعادل الموضوعي لأدبية الرواية وأنّ الاقتباس علم قائم بذاته. إذ إنّ التقنية هي أهم عملية في هذه السيرورة الإبداعية. كما أنّ التعايش والتفاعل بين الرواية والسينما بات ضرورياً، لأن كلاهما يحتاج إلى الآخر. فمثلما قدمت الرواية إلى السينما خدمة سردية، تمكّنت السينما في المقابل من إخراج مئات الروايات من رفوف المكتبات إلى ملايين المشاهدين وأضافت تقنيات جديدة في فضاء الحكي لتعزز أساليب جديدة في الكتابة الروائية وخصوصاً على صعيدي المشهدية والإبهار.