لولا توقيت الخبر، لصدّق المتابعون أنّ «نقابة الممثلين المصريين» شطبت وجدي العربي ومحمد شومان لأسباب إدارية لا سياسية، في ظل توقعات بأن تنسحب المسألة على أسماء أخرى، أبرزها الممثل والناشط السياسي هشام عبد الله. بعد ثلاثة أيام فقط على انضمامه رسمياً إلى قناة «الشرق» الإخوانية المنطلقة من تركيا، أعلن نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي، شطب عضوية الممثل المصري محمد شومان من النقابة، إلى جانب الممثل الكبير وجدي العربي لأسباب «إدارية» لخّصها بيان النقابة في «انقطاعهما عن دفع اشتراكات النقابة وتجديد بطاقات الهوية لسنوات طويلة، ما يعني تطبيق اللائحة عليهما وشطبهما من العضوية». التفسير الرسمي لم يجد صدى لدى المتابعين للقضية بمن فيهم الموافقون على محاصرة الممثلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين. ولفت الانتباه أكثر نفي زكي لوجود أي دوافع سياسية وراء القرار، خصوصاً أنّه لا يحق لأي نقابة معاقبة أعضاء أو شطبهم لأسباب سياسية تتعلق بحرية الرأي. وليس معروفاً لماذا لم يعترف زكي بأنّ الوضع استثنائي بخصوص العربي وشومان، فالخلاف مع الإخوان وقنواتهم المحرّضة على النظام المصري والمؤيدة للعمليات الإرهابية لم يعد خلافاً سياسياً خالصاً. ولماذا تذكرت النقابة أنّ العربي وشومان لم يدفعا الاشتراكات السنوية فقط بعد انضمام الثاني رسمياً إلى «الشرق» وتقديمه برنامج «شومان شو»؟
شطب محمد شومان ووجدي العربي من جدول النقابة

المعروف أن الممثل وجدي العربي اعتزل التمثيل وانتمى للتيارات الدينية قبل نحو 20 عاماً، وزاد من دعمه العلني للإخوان بعد "ثورة يناير"، كما له صور شهيرة في ميدان رابعة العدوية خلال اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وهو يرتدي «تي شيرت» عليه عبارة «مشروع شهيد». وسبق أن وجّهت له اتهامات باستخدام أطفال دور أيتام تديرها عائلته في مهام سياسية. أما شومان، فهو بطل العديد من التحوّلات، بدءاً من تحقيق الشهرة عبر أداء بطولة حملة إعلانات لصالح مصلحة الضرائب في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم تحقيقه انتشاراً عبر العديد من الأدوار الكوميدية، أبرزها أفلام «السفارة في العمارة» (إخراج عمرو عرفة) و«بوبوس» (إخراج وائل إحسان) و«فول الصين العظيم» (إخراج شريف عرفة). لكن اتجاهه نحو الجماعة المصنفة إرهابية في مصر، ظهر بعد "ثورة يناير"، إذ كان الممثل الوحيد الذي شارك في حملة دعم دستور مرسي، وفي كل إعلان أو فيلم حاولت الجماعة من خلاله تأكيد عدم عدائها للفن. وظهر شومان على منصة اعتصام رابعة العدوية، ليفقد بالتالي كل سبل العمل داخل مصر طوال العامين الأخيرين، حتى جاءته فرصة السفر إلى تركيا والانضمام إلى قناة «الشرق».
بعيداً عن هذين الممثلين، أثار الممثل هشام عبد الله الجدل بسفره إلى تركيا في التوقيت نفسه، واستعداده لتقديم برنامج توك شو على قناة «وطن» المزمع انطلاقها قريباً، لتعبّر أيضاً عن السياسات الإخوانية. شارك عبد الله في الفيلم الشهير «الطريق إلى إيلات» (1993 ــ إخراج إنعام محمد علي)، وبرز مع زوجته غادة نجيب كناشط سياسي منحاز لـ "ثورة يناير"، ومناهض للإخوان وعزلهم في آن بعد "يونيو 2013". لكن فرص العمل لم تعد متاحة كثيراً أمامه بسبب إغلاق المنتجين الأبواب أمام كل معارض للنظام الحالي ولو كان معارضاً للإخوان أيضاً. أمام هذا الواقع، نفى أشرف زكي وجود نية لشطب هشام عبد الله. تصريح يمكن وصفه بـ «المؤقت»، في انتظار برنامج عبد الله وسياسة القناة التي سيطل عبرها. حتى ذلك الحين، يظل السؤال قائماً حول غياب دور النقابة في توفير فرص عمل للفنانين المعزولين سياسياً، من بينهم خالد أبو النجا، وبسمة، وعمرو واكد. لم يحصل هؤلاء وغيرهم على أي أدوار جديدة داخل مصر خلال العامين الماضيين، رغم نجوميتهم وحصولهم على بطولات مطلقة سابقاً. والسبب طبعاً مخالفة هؤلاء للتيار السياسي السائد في مصر. واقع لم تتدخل النقابة لتغييره، بل اكتفت بشطب فناني الإخوان لأسباب «إدارية»، على حد زعمها.