بيار أبي صعب
كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» من لندن، أن المحامي أنور البنّي، أحيل على القضاء العسكري أول من أمس، بعد العثور في زنزانته على «مذكرة تنتقد السلطات السورية»، لكنّه لم يمثل أمام المحكمة لأسباب لها علاقة بتدهور وضعه الصحّي على الأرجح.
ليس أنور البنّي، على حدّ علمنا، مجرماً خطيراً، بل سجين رأي اعتقل في دمشق مع تسعة من مواطنيه في ربيع 2006، بعد توقيع إعلان «بيروت ــــ دمشق، دمشق ــــ بيروت» الذي دعا الى إصلاح العلاقات بين لبنان وسوريا. وحكم على البنّي (48 عاماً) بالسجن خمس سنوات، وبدفع غرامة مئة ألف ليرة سورية، بتهمة «نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة».
سؤالنا البسيط هو: أي أمّة هذه تلك التي «توهنُ نفسيتَها» مقالات وكتب وأفلام وعرائض ومبادرات سياسيّة سلميّة، موالية كانت أم معارضة؟ لا شك في أن الاستقرار السياسي في سوريا ولبنان هو اليوم أولويّة مطلقة. وأن المعركة الحقيقيّة هي في مواجهة الكاوبوي الهمجي الذي لا يستطيع أن يحمل إلى منطقتنا الديموقراطيّة والعلمانيّة والتطوّر كما يدّعي، بل مزيداً من الانقسام والتشرذم، والتخلّف والتشنّج، والتعصّب والأصوليّة (فالأصولية بضاعة أميركيّة بامتياز!)، ومزيداً من حمامات الدم، وزعزعة الكيانات الوطنيّة وترسيخ التبعيّة بكل أشكالها... لكن، كيف تواجه البرابرة الجدد أمّةٌ تسجن مفكّريها ومثقفيها، وتخاف من النقد وتضيق بالمعارضة، وتمنع حريّة التعبير والاختلاف؟...
ليس من الضروري أن يتفق المرء مع أفكار البنّي كي يطالب بإطلاق سراحه، وسراح عارف دليلة وميشيل كيلو ومحمود عيسى وكمال اللبواني وفائق المير والآخرين... وجميع معتقلي الرأي في السجون العربيّة. من هنا تبدأ، على الأرجح، الهزيمة الحقيقيّة لإسرائيل!