خليل صويلحتبثُّ قناة «الجزيرة»، هذا المساء، شريطاً وثائقياً في سلسلة «أدب المقاومة» بعنوان «مديح الكراهية»، ويحمل توقيع هالا محمد. في هذا الشريط (47 دقيقة)، ترصد المخرجة السورية محطات من حياة الروائي السوري خالد خليفة بوصفه رمزاً لجيل وجد نفسه محكوماً بجملة معوقات حياتية وإبداعية، لكنه اكتشف أهمية «المقاومة السلمية» في مواجهة الأفكار الأصوليّة والاستبداد. فكانت روايته «مديح الكراهية» عتبةً لفحص واختبار حقبة الثمانينيات التي شهدت مواجهات ضارية بين الأصوليين والسلطة. في الوثائقي، يحكي خالد خليفة عن علاقته بشخصيات روايته والمصائر التي آلت إليها هذه الشخصيات، كما يتجوّل برفقة الكاميرا في مدينة حلب التي غادرها إلى دمشق لتحقيق حلمه الشخصي في الكتابة، وإذ به يواجه أسئلة صعبة في معنى الانتماء إلى مكان آخر، وأين يضع قدمه وسط زحام العاصمة. هكذا، يجد في مشروع «مجلة ألف» التي أسهم في تأسيسها مع نخبة من مثقفي جيل الثمانينيات مفتاحاً لفضاء جديد ومستقل، بعيداً عن الرطانة الإيديولوجية. لكن هذا المشروع أُجهض بعد حفنة أعداد من المجلة. في الشهادات التي يدلي بها أحمد معلا ومحمود السيد ونبيل صالح وسحبان سواح، تتبلور الصورة أكثر حول معنى تجربة صحافية مستقلة، وأسباب فشل استمرارها، بوجود طاقات إبداعية سورية سرعان ما وجدت هذه الطاقات نفسها مشتتة بين منابر عربية ومهاجرة، لا تعبّر عن أحلام هذا الجيل وقضاياه الشائكة التي ظلت على الرف في غياب المنابر المستقلة. يوضح خالد أنه ينتمي إلى جيل الأحلام المجهضة، فجيل الثمانينيات على نحو خاص، دفع فاتورة مرحلة مضطربة أمنياً وسياسياً، ويعتقد أن كتابة هذا الجيل ظلّت محاصرة، بسبب عدم ارتهانها إلى أحد. وقد تمكن أبناء هذا الجيل أخيراً من إيصال نصوصهم إلى الآخر عبر جردة حساب تكشف عمق مأساة جيل محزون ومهدور الطاقات. لكنه في المقابل، لم يساوم على خياراته، وظل بعيداً عن متطلبات وقوانين المؤسسة الرسمية، وواجه كل أنواع الأصوليات. كما أنه لم يهاجر إلى أوروبا أو الخليج كي يعمل في محطة محروقات أو جريدة مهاجرة تفرض نوع الكتابة وتوجهاتها.
ويوضح خالد خليفة، الذي أنجز سيناريوات تلفزيونية وسينمائية لافتة مثل «سيرة آل الجلالي»، و«زمن الخوف»، أن الدراما فضاء إبداعي آخر، يعينه على العيش أولاً، كما يتيح له الاشتباك مع تحولات المجتمع السوري عن كثب، وتأصيل فكرة المجتمع المدني بمخاطبة جمهور عريض لا يجده في قرّاء الرواية.
في الوثائقي أيضاً، يؤكد خليفة فكرة المقاومة السلمية، ويعدّها خياراً أساسياً في توجهاته الإبداعية، كما يلفت إلى حجم الضيم الذي تعرّض له جيله، وكمية الفواتير المؤجلة التي وجد نفسه مضطراً إلى دفعها.
هكذا تتجول كاميرا هالا محمد في الأماكن التي يتردد عليها صاحب «مديح الكراهية»، من قلعة حلب والأسواق الشعبية الحلبية، مروراً ببيته في دمشق، إلى «نادي الصحافيين» الذي يرتاده يومياً للكتابة، إلى مكان سهره في «القصبجي».

20:05 على «الجزيرة»