الإمام والمطران: نقاط لقاء كثيرة

  • 0
  • ض
  • ض

غريغوار حداد... مطران الفقراء والعروبة والتحرير | ما جمعهما أكثر بكثير مما فرّقهما. يُعَدّ الإمام موسى الصدر من كبار المجددين الذين انخرطوا في العمل من أجل الإنسان. انحاز إلى الفقراء والمحرومين والمسحوقين، ولم يكتف بالتنظير والاجتهاد الفقهي، بل نزل إلى أرض الواقع، وانغمس في مشاكل الناس، ساعياً إلى ترجمة الرسالة الدينية إلى الحياة. بهذه المقاربة والنظرة إلى الدين والواقع والإنسان، كان بديهياً أن تجمعه نقاط لقاء كثيرة بالمطران غريغوار حداد الذي قال مرة إنّ «كل ما أفعله يجب أن يكون له جذور في الأرض وتأثير فيها. عندما يقول المسيح «مهما صنعتم لإخوتي هؤلاء الصغار، فلي صنعتموه»، هذا يعني أنّه يجب أن نعيش بين الناس الحقيقة التي نؤمن بها». عدا أنّ الاثنين آمنا بالحوار وكانا داعية الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية. هكذا، جمعت مشاريع كثيرة الإمام والمطران، إذ شارك الأول في «الحركة الاجتماعية» عبر عشرات المشاريع الاجتماعية والتنموية والشبابية. أيضاً، كان الاثنان من أوائل الذين أسهموا في إطلاق الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان مع المطران جورج خضر، والأب يواكيم مبارك، والشيخ صبحي الصالح، وحسن صعب والأب فرنسوا دوبره لاتور، ويوسف أبو حلقة، ونصري سلهب... هؤلاء كانوا أول من وقّعوا بياناً في الثامن من تموز 1965 في إطار المحاضرات التي نظمتها «الندوة اللبنانية» عن «المسيحية والإسلام في لبنان». هذا البيان شكّل نقطة البداية الفعلية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان لما تضمنه من تأكيد للثوابت المشتركة في المسيحية والإسلام. يومها، شدّد البيان على «تلاقي الديانتين في إيمانهما بالله الواحد وبقيامهما معاً على تعزيز قيم روحية ومبادئ خلقية مشتركة تصون كرامة الإنسان وتعلن حقه في الحياة الفضلى، وتنهض بالأرض وما عليها في محبة وسلام ووئام». كذلك، أعلنوا «أنّهم على يقين بأنّ لبنان هو الموطن المختار لمثل هذا الحوار المسيحي الإسلامي، وبأنه حين يجدد وعيه بتعاليم هاتين الرسالتين، يسهم في تجديد طاقة الإنسان الروحية وصونها». وتعاهدوا على «تحقيق لقاء أخوي مستمر ينهلون خلاله من معين الديانتين العالميتين، وتعلم فيه كل فئة بتعاليم دينها جاهدة في تفهمها لما انطوت عليه الديانة الأخرى من عبر وعظات ونظم تقرب الإنسان من أخيه الإنسان، وعلى توسيع نطاق هذا اللقاء حتى يضم العناصر التي تبدي استعدادها للإسهام في تركيزه وتعميمه، وعلى السعي الدائب لإزالة الحواجز التي نصبتها عوالم مفتعلة يبرأ منها دين الله الحق». في مقابلات تعود إلى بضع سنوات معه، صرّح المطران غريغوار حداد بأنّ الحوار الإسلامي المسيحي لا يؤدي إلى اتفاقات عقائدية بين الديانتين، وليس مفترضاً به أن يصل إلى ذلك، نظراً إلى "الفروقات الكثيرة بين انطلاقات المسيحية وانطلاقات الإسلام". إلا أنّه تابع بأنه يجب إطلاق "حوار اجتماعي سياسي بمعنى البحث عن قوانين صالحة للبلد تؤمن بالعدالة، وهذا أهم بكثير من الحوار حول الأب والابن والروح القدس، ولا اله إلا الله".

0 تعليق

التعليقات