صباح أيوب«العالم كلّه يتحدّث عنه وهو يتحدّث الى زافين، منتظر الزيدي في حديث خاص مع زافين...». هذا هو الشريط الإعلاني الذي روّج لـ«سيرة وانفتحت» (إعداد وتقديم زافين قيومجيان)، وبثّته «المستقبل» للإعلان عن حلقة استثنائيّة. لكن الترويج الصاخب لحلقة زافين (العاديّة جدّاً في نهاية الأمر)، له تتمّة حرم منها مشاهدو الأرضيّة، وبثّت على فضائيّة «المستقبل» في الولايات المتحدة. هناك يتواصل الشريط الترويجي: «هذا البرنامج برعاية «سي. آي. إي»، مركز الاستخبارات الأميركية»... ويمضي الصوت في تقديم تلك المؤسسة والتعريف بمهماتها...
مركز الاستخبارات الأميركية «يرعى» البرنامج؟ لوهلة تخالها مزحة، لكنّ الإعلان المدموغ بالنسر والنجمة الكبيرة الحمراء لا يترك مجالاً للشكّ. اتصلنا بأكثر من مشاهد للفضائيّة اللبنانيّة في أميركا، فأكدوا لنا الأمر. بل إن إعلانات خاصة بـ«مركز الاستخبارات الأميركية» بثّت أيضاً خلال عرض الحلقة أوّل من أمس... طبعاً في الولايات المتحدة.




تحميل الفيديو


الجهة الراعية، عادة، تكون شركة لبيع المواد الغذائية، أو ماركة سيارات، أو مصرفاً... أما وكالة استخبارات! الأشخاص الذين اتصلنا بهم في أميركا، أكدوا أن المسألة ليست جديدة: LBC و«المستقبل» هناك تبثان دائماً إعلانات للـ«سي. آي. إي»! هكذا إذاً. بكل ثقة وبساطة، تمركز النسر الأميركي على شاشة تلفزيون عربي، لرعاية برنامج تشاء سخرية الأقدار أنّه مخصّص لصحافي عربي رمى بوش بالحذاء! الاستخبارات الأميركية انتقت الموضوع المناسب على الشاشة المناسبة لتروّج لرسالتها في خدمة العرب والإنسانيّة.
السابقة خطيرة تستحق طبعاً أكثر من نقاش، قانوني، وأخلاقي، وسياسي: إلى أي مدى يحق لمحطة لبنانيّة أن تقوم، بمنتهى الطبيعيّة، بالترويج للـCIA كأنها تبثّ دعاية لمسحوق غسيل؟ لو أن وسيلة إعلاميّة روّجت لمواد سامة، خطرة على حياة المشاهدين لوقعت تحت طائلة القانون... فماذا عن الـCIA؟ على أيّة أسس تقوم السياسة الاعلانية لمحطّة مثل «المستقبل» في الولايات المتحدة؟ أين تقف حدود مسؤوليتها المعنويّة، إذ تسخّر هواءها لإقناع المشاهدين اللبنانيين والعرب في بلاد الاغتراب بفضائل «سلعة» من هذا النوع؟
توجّهنا بالسؤال إلى رئيس مجلس إدارة تلفزيون «المستقبل» سمير حمّود، لمعرفة وجهة نظر المحطّة وسياستها المعلنة في هذا المجال. لكن الإجابة جاءت محيّرة بعض الشيء. أوضح حمّود أن وكالة الاستخبارات الأميركية تحضر على الشاشة الزرقاء، من خلال «إعلانات مدفوعة يبغى منها الربح فقط (...) لكنّها ليست راعية لأي برنامج تبثّه المحطة»... ولكي يزيد من طمأنتنا قال إن الاعلانات التي تبثّها الفيوتشر للـ«سي آي إي»، لا تتعدَّى كونها «إعلانات recruitement»، أي تدعو المشاهدين إلى الانخراط في تلك المؤسسة الاستخباريّة «العريقة»!