بيار أبي صعبكما في صيف 2006، كذلك في شتاء 2009. حين انهالت أطنان الحقد على لبنان بمباركة الديموقراطيات الغربيّة، وصمت الأنظمة العربيّة، تسمّر العرب إلى شاشة «الجزيرة». اليوم نشاهد السيناريو نفسه مع تعديلات طفيفة. المجزرة في غزّة، والرأي العام العالمي متمهّل: ماذا لو كانت إسرائيل في وضعيّة «دفاع عن النفس»؟ حزّر فزّر! السؤال قرأناه على موقع لبناني يدافع عن الحرية والسيادة والاستقلال. لكنّ «الجزيرة» هنا ليل نهار: صوت العرب، وضميرهم، وعينهم الساهرة. لن يستطيع أحد أن يزيّف التاريخ ويموّه الجرائم. الإعلام العربي «المعتدل» (جدّاً)، في الصحافة المكتوبة، وعبر الأثير، وعلى امتداد الشبكة الافتراضيّة، لن يستطيع شيئاً. لأننا مسمّرون إلى «الجزيرة»، نسمع ونرى.
تُرى، ماذا كنّا سنفعل من دونها؟ المحطّة القطريّة في قلب المعركة، وعلى كل الجبهات: جباليا، دير يونس، دير البلح، بيت لاهيا... ممثل الأونروا يتهم إسرائيل بأنها دولة قتلة، تعتدي على المنظمات الإنسانيّة. هذا يحدث على شاشة «الجزيرة». هاشم حسن، ممثل الصليب الأحمر، يروي لنا بالتفاصيل كيف مُنع موكبه، يوماً كاملاً، من مساعدة ضحايا القصف الوحشي. ثم يصف ما رآه حين وصل متأخراً إلى أرض المجزرة. إلياس كرّام يطلع علينا من قلب تظاهرة متطرفين إسرائيليين في نهاريا، يحاورهم، يتحداهم بهدوء ورباطة جأش. في تلك الأثناء، تطمئننا مراسلة إحدى الفضائيّات العربيّة من الداون تاون: «الحياة طبيعيّة في الوسط التجاري لبيروت»