سناء الخوري «نشر العرض»، و«تكسير الرأس»، و«حرق الدين»، و«أكل الـ...»، و«قصف العمر»، و«تلحيس الصباط»، و«خراب البيت»، كلّها وصفات انتقام لبنانيّة تقترحها لينا مرهج في العدد السابع من «السمندل». على غلاف الإصدار الجديد من أشهر مجلّة للقصص المصوّرة في العالم العربي، طُبعت كلمة «الثأر» بالخطّ العريض، كعنوان لـ34 قصّة في أصول الـ«فانديتا» بالعربيّة والفرنسيّة. إذا كنت من محبّي النوع، لا تدع الفرصة تفوتك. العدد الخاص الملوّن الذي بين أيدينا هو خلاصة تعاون بين «السمندل» ودار النشر البلجيكيّة «أمبلوايي دو مواه»، ويأتي ضمن «بيروت عاصمة عالميّة للكتاب». أول من أمس، أطلق فريق المجلّة عدده السابع ضمن تظاهرة «نقطة، خط، فقاعة»، في «المركز الثقافي الفرنسي». القصص التي نقرأها تحت عنوان «الثأر»، ثمرة ورشتي عمل مع الفنانين البلجيكيين ستيفان نويل وساشا غروغ، حول البحث والتخطيط في صناعة القصص المصوّرة وتركيباتها السرديّة. في قصتها، تقدّم مرهج رؤية هزليّة لمجتمع يحمل كيفما التفت أعباء انتقامات متنقلة. ترسم الفنانة اللبنانيّة سيّدة ضخمة وبشعة تتولّى إعداد وصفات الانتقام المذكورة. تحت ثوب عملاقتنا، تبرز أقدام جمع غفير من الأقزام، يظهرون بين الحين والآخر لمساعدتها على تنفيذ الوصفات. لكنّها تتعثر في النهاية، وتبدو أرواح الأقزام التي أزهقت بفعل الانهيار العظيم، جالسةً على غيوم صغيرة تنقلها إلى السماء منشدةً: «سقط العدل على المدينة». العدل الذي يدهس المدينة وأهلها، ليس إلا آلة نظام عجيبة تمنحها مرهج صورة تلك العجوز المنفّرة والسوقيّة والمتوحشة. هذه عيّنة من محتوى العدد الجديد من «السمندل». هذه التجربة الطليعيّة التي تسعى إلى دفع فن القصّة المصوّرة إلى أبعاد أكثر عمقاً وانخراطاً في الهمّ السياسي والاجتماعي وأثره على الفرد، انطلقت عام 2007 بمبادرة من فادي باقي (الفدز)، وحاتم الإمام، وعمر خوري، ولينا مرهج، وطارق نبعة. منذ ذلك الحين، زادت مبيعات «السمندل» أكثر من 400 في المئة، وهي توزع اليوم في لبنان والإمارات والمملكة المتحدة وألمانيا...
يوماً بعد آخر تسير «السمندل» على طريق النضج، ولعل العدد الجديد هديّة ميلاديّة بامتياز... وخصوصاً بالنسبة إلى الجيل الجديد الآتي من ثقافة بصريّة تبعده عن لغة الوعظ. نقرأ بقلم «الفدز» قصّة الرجل المستحيل على متن طائرة متجهة إلى الخليج، وهناك تصريح سياسي انتقامي ملعون بعنوان «وبالتالي، فإن الكلمات ستتراجع في آخر المطاف...» يوقعه طارق نبعة وحاتم الإمام. هنا، ينتقم عمر خوري من صورته ونفسه، بعد سجال كلامي حادّ، وهناك يفشل «العم عبدو» في تسجيل انتقامه الأخير من غريمه في طاولة الزهر. هذا بالنسبة إلى القسم العربي من السمندل. أمّا في القسم الفرنسي، فيسجّل فنانون من بلجيكا تجاربهم الانتقاميّة، بخطوط ذاتيّة مرهفة، منها ما ينتهي بقتل طلاب مدرسة، ومنها ما ينتهي بدهس خنفساء. قصص تتخطّى المستوى الأول من فهم القصص المصوّرة، للتحوّل إلى وسيلة تعبير خلاقة وعميقة، تمتعنا وتدفعنا إلى إعادة النظر بالكثير من اقتناعاتنا.