بيار أبي صعبلدى عرض «الطريق ١٨١، محطّات من رحلة في فلسطين ـ إسرائيل» (٢٠٠٣)، شنّ بعض الإعلام الفرنسي حملة على الفيلم الذي «يتعرّض لأساسات دولة إسرائيل» كما كتب ناقد مجلّة Télérama، متهماً مخرجَيْ الفيلم ميشيل خليفي (الصورة) وإيال سيفان بمصادرة صورة «ضحيّة التاريخ» الملازمة لليهودي وتجييرها لمصلحة الفلسطيني. وما هي إلا أشهر حتى سحب «الطريق ١٨١» (إنتاج ARTE) من «مهرجان سينما الواقع» في باريس، حيث كان مبرمجاً في ربيع ٢٠٠٤، لأنه «يحرّض على العنف ضدّ اليهود». لعلّ خطورة الفيلم تكمن في مكان آخر تماماً. إنّه عمل نادر في تاريخ السينما، شكلاً ومضموناً، يعود إلى الجريمة الأصليّة التي قام على أساسها الكيان الصهيوني. هذا الوثائقي الطويل (أكثر من 4 ساعات) الذي يعرضه «مركز بيروت للفنّ»، تَشاركَ في تحقيقه أحد أبرز المخرجين الفلسطينيين، وسينمائي هو من «العادلين» القلائل في إسرائيل، إذ يسلّط نظرة نقديّة إلى دولته التي قامت على «التطهير العرقي».
صيف ٢٠٠٢، سافر صاحب «عرس في الجليل» وصاحب «اذكر ـ عبيد الذاكرة»، طوال شهرين، على ضفّتي الجرح. رسما طريقاً افتراضيّة تخترق فلسطين التاريخيّة من الجنوب إلى الشمال، على أساس الحدود التي اعتمدها قرار الأمم المتحدة الرقم ١٨١ القاضي بتقسيم

سافر ميشيل خليفي وإيال سيفان على ضفّتي الجرح، حسب حدود القرار ١٨١ بتقسيم فلسطين عام ٤٧

فلسطين (١٩٤٧). على امتداد هذا الخط، التقيا أناساً عاديين ينتمون إلى موقع الجلاد أو موقع الضحيّة، صوّرتهم الكاميرا تاركة لهم أن يستعيدوا ذلك المنعطف الدموي ويحكوا عن «الآخر». قوّة الفيلم في لغته، وإيقاعه، وفي طريقة التصوير والتوليف. قوّته في التعاطي العقلاني، من موقعين متواجهين، مع الصراع. قوّة الفيلم أخيراً في عنفه وفجاجته ومباشرته، في صدقه وجرأته على تسمية الأشياء بأسمائها. إنّه رحلة مضنية، لكن ضروريّة للإحاطة بذلك التاريخ الصعب الذي يتعرّض باستمرار للتزوير والتحريف. «حين تتضح العلاقة بين المستعمِر وضحيّة هذا الاستعمار، يصبح بالإمكان التفكير في سلام حقيقي، عادل ونهائي»، يقول إيال سيفان الذي كنّا نتمنّى حضوره، هو وخليفي، العرض البيروتي لفيلمهما. في كلّ الأحوال، لا بدّ من توجيه تحيّة إلى «مركز بيروت للفنّ» الذي يتيح لنا فرصة مشاهدته في بيروت.



7:00 مساء بعد غد ـــــ «مركز بيروت للفن» (جسر الواطي ـــــ بيروت) ـ للاستعلام: 01/397018