منذ أيام، سقطت زهراء قبوط، ابنة الـ 22 عاماً، ضحية جديدة للعنف الأسري لتنضمّ إلى لائحة ضحايا التعنيف الطويلة التي تضم: منال، فاطمة، رقية، كريستيل وغيرهنّ. منذ عام 2013، "قُتلت في لبنان 27 امرأة بوحشية"، وفق ما ذكر المنسق الخاص للأمم المتحدة فيليب لاريزاني خلال الندوة التي نظمتها منظمة "كفى" أمس بمناسبة مرور سنتين على إقرار قانون الحماية من العنف الأسري. خلال هاتين السنتين، قُتلت 14 امرأة على الأقل في جرائم عنف أسري وصدر 175 قرار حماية فقط، بحسب ما أعلنت زويا روحانا مديرة "كفى".يكشف رئيس لجنة إدارة مشروع تأهيل أفراد الضابطة العدلية للتعاطي في قضايا العنف الأسري العقيد إيلي الأسمر، أنّه "منذ أيلول 2015 حتى نهاية عام 2015 وثّقت القوى الأمنية 51 شكوى عنف أسري، ومنذ بداية هذه السنة تم توثيق 34 شكوى عنف أسري"، أي 85 شكوى خلال ستة أشهر.
27 امرأة قُتلن منذ عام 2013 حتى اليوم بسبب جرائم عنف أسري

أمّا مركز الاستماع والإرشاد في "كفى"، فقد استقبل 624 ضحية جديدة للعنف الأسري عام 2014، و772 ضحية عام 2015 أي بزيادة 124%. بين عامي 2013 و2015، بلّغت النسبة الأكبر من الضحايا عن تعرّضهنّ لأكثر من شكل من العنف، فقد سجّلت 82% من النساء تعرّضهن لعنف كلامي، 80% لعنف جسدي، 66% لعنف اقتصادي و36% لعنف جنسي. أشار العرض إلى أن 19% من النساء اللواتي لجأن إلى "كفى: تزوّجن قبل بلوغ سن الـ 18.
التقرير الذي أُطلق أمس عرض نتائج استطلاع للرأي بهدف قياس وعي المواطنين حول مسائل العنف الأسري ومعرفة سلوكياتهم ومواقفهم إزاء هذه القضية، فتبيّن أنّ 44% من اللبنانيين يعرفون شخصياً ضحايا عنف أسري بمعدل أكثر من ضحية لكل شخص. أمّا المناطق التي تشهد أكثر معدلات جرائم عنف أسري فهي في الشمال، حيث أعلن 52% من المستطلعين أنهم يعرفون ضحايا عنف أسري بمعدل أكثر من 5 ضحايا لكل فرد. وفي البقاع، بلغت نسبة الذين يعرفون شخصياً ضحايا عنف أسري 66% بمعدل أكثر من 4 أشخاص لكل فرد.
بعد سنتين على إقرار القانون، يتّضح أن ثلث السكان فقط أفادوا عن معرفتهم بوجود قانون يتعلق بالعنف الأسري، إلا أنّ نسبة مرتفعة من الناس (97%) تابعت حالات العنف الأسري التي تطرّق لها الإعلام، وهو ما شكّل انعكاساً ملحوظاً على سلوكيات الناس في التعامل مع هذه القضية. فبصورة عامة، يُسجل ميل الى نصح النساء الضحايا بالتقدم بشكوى لدى التعرض للعنف الأسري (49%)، في حين يرى ثلث السكان أن اللجوء الى العائلة هو خيار أفضل، ولا سيما وسط الطائفتين الشيعية والدرزية بنسبة 45% ولدى سكان الجنوب والبقاع. كما برزت نسبة صغيرة من الناس (13%) تنصح الضحية بالتزام الصمت والصبر.
كذلك أعلن 68% من المستطلعين أنهم يتدخلون لمساعدة الضحية إذا شهدوا تعنيفاً أسرياً، في حين يمتنع 32% عن التدخل لأن "المسألة شخصية ولا تعنيهم". أمّا بالنسبة إلى كيفية التدخّل، فتبينّ أنّ 61% يقومون بردع الرجل (وكانت النسبة الأكبر لهؤلاء في الجنوب والشمال)، و32% يقومون بالاتصال بالقوى الأمنية، إذ لوحظ تنامٍ ملحوظ في ثقة الرأي العام بسلوك قوى الأمن الداخلي حيال العنف الأسري.
أمّا في ما يتعلق بالنظرة إلى المحاكم في قضايا العنف الأسري، لا تزال درجة ثقة اللبنانيين بالمحاكم الدينية والمدنية مدار جدل. فقد عبّر 42% من السكان عن عدم ثقتهم بالمحاكم الدينية لأسباب تتعلق بالفساد والذهنية الذكورية لرجال الدين وعدم إنصاف المرأة في القوانين الطائفية. تنخفض هذه النسبة عند السؤال عن المحاكم المدنية إلى 38% ويسيطر "الفساد السياسي" على انعدام ثقة الناس بهذه المحاكم. لذلك، فإن الهدف الجديد الذي ينبغي تحقيقه وفق روحانا هو "إقرار قانون مدني إلزامي للأحوال الشخصية يقوم على مبدأ المساواة في كل ما يتعلق بالعلاقات الأسرية".