في فصل الصيف، لا تفتتح الدولة فقط موسم السياحة في لبنان، بل موسم الحرائق أيضاً. لكن على عكس التحضيرات التي تُجرى على قدم وساق طوال العام من أجل راحة السيّاح، لا تبذل الدولة الجهود اللازمة للحفاظ على المساحات الخضراء القليلة المتبقيّة في البلد، كما على أرزاق الناس.
اجتمع، أمس، في مكتب وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال، فادي عبود، الوزير السابق زياد بارود ووفد من جمعية «أخضر دايم» ليسألوا عن مصير طوافات مكافحة الحرائق الثلاث التي كانت الجمعية قد قدمتها هبة للدولة اللبنانية بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات عام 2009.
فمع بدء موسم الحرائق، والتهام النيران للأحراج التي كان آخرها حريق حرج السفيرة في الضنية، أكبر حرج صنوبر في لبنان، لم تستعمل تلك الطوافات. بل إنّ هذه الطوّافات التي ساهمت سابقاً في عمليات إخماد عدد من الحرائق وأثبتت فاعلية عالية، كما شاركت في عمليات البحث ومحاولات الإنقاذ إثر حادث سقوط الطائرة الإثيوبية، لم تستعمل منذ حوالى السنة.
لماذا؟ لا يبدو أنّ أحداً في اجتماع أمس، كان قادراً على الإجابة بشكل واضح عن هذا السؤال. وبما أنّ لا أحد، على الأقل في تلك القاعة، يملك الجواب الشافي للسؤال بعد، اتخذ المجتمعون قرار البدء بالتحرّك الأسبوع المقبل والقيام بجولة على المسؤولين عن الموضوع، تبدأ بقيادة الجيش، لفهم أسباب توقيف الطوافات الثلاث عن العمل. وكانت هذه الطوّافات قد اشتريت في عام 2009 بمبادرة أطلقتها وزارة الداخلية، في عهد الوزير زياد بارود، وقد تلقفها المجتمع المدني بهيئاته الاقتصادية والبيئية والأهلية.
وقد نتج من هذه المبادرة وعبر جمعية «أخضر دايم» تحقيق ثلاث طوافات قدمتها الجمعية هبة للدولة اللبنانية بعدما جمعت تبرعات بلغت نحو 15 مليون دولار أميركي. واشترت الجمعية الطوافات، نتيجة استدراج عروض عالمي واكبه مكتب تدقيق محاسبة عالمي، بالاستناد إلى دفتر شروط وضع بالتنسيق بين مكتب «فيريتاس» ولجنة فنية عسكرية في قيادة الجيش، وقد تسلم سلاح الجو في الجيش اللبناني الطوافات الثلاث، كما شمل العقد صيانة تلك الطائرات لثلاث سنوات ومليون دولار للتشغيل والصيانة.
يشير هنا مصدر في الاجتماع الذي عقد أمس، لـ«الأخبار»، إلى أنّه يعتقد أنّ المشكلة هي في نفاد الأموال التي كانت مخصّصة لصيانة الطوافات التي عملت على مدى ثلاث سنوات، وعدم رصد أموال جديدة في الموازنة لهذه الغاية.
ويضيف المصدر: «لا تجد الدولة حرجاً في استئجار طوافات من قبرص للمساعدة في إخماد الحرائق، لكنها في الوقت ذاته لا تستطيع رصد الأموال اللازمة لصيانة الطوّافات التي لدينا، رغم أنّ كلفة الحرائق وخسائرها هي أيضاً أكبر بكثير من كلفة صيانة الطوافات».