15.6 مليار دولار هي تقديرات الخسائر التي تكبّدتها المصارف بسبب تسديد القروض بالشيكات
الشيكات هي إحدى وسائل الدفع، بمعنى أنها قد لا تنتقل مباشرة ممن يحملها إلى المصرف، بل قد يدفع بواسطتها ديناً آخر لشخص ثالث (ما يسمّى تجيير الشيك)، وقد لا يتم الاكتفاء بهذه الدورة، إذ يمكن للشخص الثالث أن يدفعها لغيره وقد تنتقل الشيكات بين عدد كبير من الأشخاص قبل أن تُعرض على المصرف للتحصيل. وهذا الأمر كان يحصل بشكل عادي قبل الأزمة وانهيار القطاع المصرفي والليرة اللبنانية، إلا أنه بعد الانهيار، تطوّرت وظيفة وسيلة الدفع هذه نحو التجارة، باعتبار أن سعرَ الشيك المصرفي بالدولار صار أقلّ من سعر الدولار النقدي. وقد استُخدمت الشيكات في السوق لتسوية كثير من المعاملات البسيطة والمركّبة، أي التي تشمل مثلاً عملية بيع وشراء عقار مثلاً، أو التي تشمل عملية البيع ثم يتم بيع الشيك وتحصيله من آخرين مقابل النقد بأسعار أعلى مضافاً إليها عمولات... وهذا النوع من العمليات تكثّف في الأشهر الأولى من الأزمة ثم أصبح هائلاً مع ازدياد الفروقات في الأسعار بين سعر صرف الدولار المعتمد في المصارف وذلك المعتمد في السوق الفعلية. وقد استُخدمت الشيكات كوسيلة لتهريب الودائع من المصارف، أو كوسيلة لتسديد قروض بأسعار بخسة نسبياً. أي إنها كانت الوسيلة الأساسية في عملية نقل الثروة من المودعين إلى المُقترضين، وخصوصاً المقترضين الكبار، الذين استطاعوا أن يُسددوا قروضهم بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية، مستفيدين من القدرة على شراء الشيكات المصرفية بأسعار أقل من قيمتها الدفترية لتسديد القروض. عملياً، وبحسب تقرير لـ Blominvest بعنوان «تقدير الخسائر التي تتكبدها المصارف بسبب استرداد القروض: أيلول 2019 - كانون الأول 2022»، بلغت قيمة الخسائر التي تكبّدتها المصارف بسبب تسديد القروض على سعر صرف أقلّ من سعر السوق نحو 15.6 مليار دولار. وهذا الأمر يُعيد الحديث عن فكرة تسديد القروض بأسعار صرف منخفضة، وإحدى الطرق لحصول هذا الأمر كانت عبر الشيكات المصرفية، وأن هذه العملية لم تكن خسارة على المصارف أكثر من كونها خسارة على المودعين. في حين أن المشكلة الأساسية كانت في أساس إقراض المصارف بالعملات الأجنبية التي لا يستطيع المصرف المركزي أن يطبعها أو يتحكّم فيها في حال وقوع الخسائر.