بثلاثة أدوية من أصل 18، يواجه المصابون بالتصلّب اللويحي مرضهم المستعصي. ففي ظل الأزمة التي جعلت من الصعب إبقاء لائحة الأدوية كما هي، يكملون علاجاتهم بما تيسّر، مع ما يعني ذلك من تدهور عددٍ كبير من الحالات. غداً، «يحتفل» هؤلاء باليوم العالمي لمرض التصلّب اللويحي في ظلّ تحديات ثلاثة: محدودية العلاج وتراجع الجودة وعدم الديمومة، وهي أسباب تؤدي إلى تعطيل حياة المرضى، وخصوصاً أن التأخر في تناول العلاجات بشكلٍ صحيح يؤدي إلى الشلل والإعاقة، وبالتالي «يصبح المريض غير منتج، ولا سيّما أن هذا المرض يضرب الشباب بين 20 و40 عاماً»، وفق جاين كوسا، رئيسة الجمعية اللبنانية لمرض التصلب اللويحي (Alisep) التي تعقد اليوم مؤتمراً صحافياً في نقابة الأطباء تحت عنوان «الدواء أكثر من ضروري».مشكلة المصابين بهذا المرض أن عددهم «قليل»، إذ يبلغ نحو 4 آلاف، ولهذا «لا نتلقّى أيّ إعانات أو هبات من الجمعيات والمنظمات كما البقية»، تقول كوسا، فيما الأدوية الثلاثة التي تأتي عبر وزارة الصحة «لا تغطّي كل الحالات، فبعضها يحتاج إلى علاجات معينة، وخصوصاً أن الحالات لا تتشابه، إذ يضرب المرض أعضاء مختلفة عند كل مريض». وما يصعّب الأمر أن معظم المصابين هم من ذوي الدخل المتوسط أو المحدود الذين لا يملكون ثمن العلاج خارج لائحة وزارة الصحة. لذلك يتحرّكون ضمن دائرة تشمل نوعين من الإبر «rebif 44» (interferon) (تعطى في المنزل ثلاث مرات أسبوعياً) و«rixathon 1000 mg» (تعطى في المستشفى كل ستة أشهر)، ودواء ثالث «gilenia teblets» أضافته وزارة الصحة أخيراً. وبحسب بعض الاختصاصيين، كان يمكن توسيع هذه الدائرة لتشمل 6 أدوية «يمكن عندها أن تغطّي معظم المرضى، وخصوصاً أن بعضهم أبدوا تحسّساً على الأدوية الموجودة حالياً وظهرت لديهم أعراض جانبية».
وحتى في اللائحة التي تأتي عبر الوزارة، ثمة صعوبات وتساؤلات أيضاً. في الشق المتعلّق بالصعوبات، يشكو المرضى من التقطّع في تناول العلاج. وتوضح الدكتورة وديعة رمضان، أمينة السر في الجمعية، أن «المرضى عانوا في الأشهر الأخيرة من عدم القدرة على تناول العلاج الذي يعطى في المستشفى بسبب حصر الدواء في المستشفيات الحكومية، وواجهنا مشكلة عدم وجود أطباء أعصاب هناك لاستكمال الإجراءات عبر منصة أمان ليتسنى لهم الحصول على الدواء، وقد حلّت هذه المشكلة أخيراً مع رفع شكوى إلى وزارة الصحة التي زوّدت المستشفيات الخاصة بالدواء لتسهيل الأمر على المرضى». أما بالنسبة إلى الدواء الذي أضافته وزارة الصحة أخيراً، «فلم يصل الى المرضى حتى اللحظة كونه غير موجود بعد، بانتظار وصول الطلبية».
أما في شق التساؤلات، فيشكو بعض الأطباء من بعض مصادر الأدوية المتوافرة في السوق لعلاج التصلب اللويح وغيره من الأمراض. وبحسب أحد الاختصاصيين، «هناك أدوية جديدة وبعضها من دون موافقة الـ fda أو الوكالة الأوروبية. لذلك، نقول للمرضى أحياناً إننا لا نعرف هذه الأدوية، وإذا كنتم تريدون تناولها فعلى مسؤوليتكم الشخصية». وهذا يطرح علامة استفهام حول «الأدوية التي سجّلت أخيراً، وما هي المعايير التي على أساسها سجّلت؟».
هذه العشوائية في التسجيل، وحصر العلاجات بثلاثة أدوية وتقطّع البعض منها، أدى بحسب الاختصاصي الدكتور سلام كوسا إلى «تأخر حالات الكثير من المرضى، وهو ما نراه اليوم في العيادات وكذلك ما تبيّنه الدراسات»، مشدّداً على أن هذا الواقع «بدأ مع انتشار فيروس كورونا والأزمة المالية». وبسبب ذلك، انتقل مرضى التصلب اللويحي من دائرة السيطرة على المرض إلى دائرة التعايش مع الواقع الحالي «بسبب تأثير العلاجات المتوافرة اليوم على الجودة»، بحسب كوسا الذي يضيف أن «التطور في العلاجات له دوره الفعال، فكلما استخدمنا أدوية فعالة منذ البداية، كانت هناك إمكانية أكبر لتأخير الوصول إلى حالة إعاقة». ويشكو كوسا واختصاصيون آخرون من هذا التراجع في «جودة وفعالية» الأدوية، حيث بات الفارق شاسعاً «بيننا وبين دبي مثلاً أو الدول الأوروبية».