الخضّة التي شهدتها وزارة التربية على خلفية السمسرات وتزوير شهادات الطلاب العراقيين لا تزال مستمرّة، إذ يسود الذعر والإرباك كل الدوائر والمصالح، فيما يواصل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التوسّع في تحقيقاته، وآخر التوقيفات طالت موظفاً مقرّباً من وزير التربية عباس الحلبي وآخر من مصلحة التعليم الخاص (أ. ب.)، من باب صلته بقسم المعادلات الجامعية. إذ إنّ الطالب لا يمكنه التسجيل في الجامعة قبل الحصول على معادلة لشهادة الثانوية العامة. فيما هناك لجنة معادلات جامعية وأخرى لمعادلة شهادات ما قبل التعليم الجامعي. وربما من هنا تبدأ الحكاية.

وفي التفاصيل التي ترويها مصادر إدارية أنّ الموظف في لجنة المعادلات الجامعية (ع. ش.)، الموقوف حالياً، كان على خلاف سياسي مع المسؤولة في لجنة معادلات ما قبل التعليم الجامعي (أ. ش.) المحسوبة على جهة سياسية أخرى. وقد حاولت الأخيرة إزاحة (ع. ش.) وتكليف موظف محسوب عليها سياسياً هو (م. ط.) لتتسنى لها السيطرة على المعادلات، لذلك، تم الاتفاق مع مسؤول أمني (ط. ص.) للإيقاع بـ (ع. ش)، وبدأ التحقيق فعلاً من جانب الجهاز الأمني الذي ينتمي إليه هذا المسؤول، قبل أن يتحوّل الملف لسبب ما إلى فرع المعلومات، ويبدأ العمل الجدّي ويجري توقيف 13 شخصاً بين موظّف وسمسار.
الفرع حضر إلى الوزارة لجمع الداتا والمستندات من الدائرتين اللتين تتولّاهما (أ. ش.) وحقّق معها، واستمع إلى إفادات عدد من الموظفين في الدائرتين.
ورغم هذه الفضيحة التي تعصف بوزارة التربية، لم يتّخذ الحلبي أيّ إجراء إداريّ بحق موظّفين تحوم شبهات حول تورطّهم في مافيا ابتزاز الطلاب العراقيين، علماً أنه عقب الاعتداء على الطلاب العراقيين داخل الوزارة في آب الماضي، دافع الوزير يومها عن الموظّفين، وتم استدراج السلطات العراقية إلى توقيع بروتوكول خاص بالطلاب العراقيين حصراً دون سواهم من بقية الجنسيات، بسبب أعدادهم الكبيرة. وفيما كان الهدف المعلَن من البروتوكول تسهيل المعاملات، كان يجري تحت الطاولة إدخال «فريش دولار» وتوزيعه على المحاسيب وموظفي مكتب الوزير بإصدار قرارات تكليف للجان، فيما ازداد التشبيح على الطلاب العراقيين عما كان عليه قبل توقيع البروتوكول.
يقود هذا الواقع إلى سؤال عما فعله الحلبي لمنع التضارب والمسؤوليات التي يتولّاها الموظفون، كأن يتولّى موظفٌ دائرتين متشابكتين في المصالح هما دائرة الامتحانات الرسمية ولجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي، وهل من المنطقي أن يبقى موظف تحوم حوله شبهات في مركزه؟ وأين شفافية التحقيق لجهة إمكانية إخفاء مستندات من أجهزة الكمبيوتر لتضليله؟ وهل يدرك الوزير أن بعض الموظفين حوّلوا دوائرهم الرسمية إلى كانتونات حزبية وطائفية لخدمة تيارهم السياسي، إن عبر حشو هذه الدوائر بالموظّفين المحاسيب أو برفع صور الزعماء السياسيين؟
الحلبي لا يزال يكتب الجواب عن الكتاب الذي وجهه عدد من النواب، في أيلول الماضي، يسائلونه فيه عن المخالفات التربوية والإدارية المتداولة في الإعلام ومن بعض الموظفين. وقد أتى الكتاب بعدما فشلت كل الشكاوى والمراجعات للوزير وللتفتيش المركزي في فتح تحقيق جدّي ومحاسبة المرتكبين للفساد الإداري في موضوعات عدة، ومنها الإخبار حول التمييز بين الأساتذة، وبيع الشهادات في الامتحانات الرسمية لعام 2023، والامتيازات في أموال الدول المانحة، وتعيين مراقبين متوفّين، وتمويل معاهد مهنية مقفلة بميزانيات مفتوحة، وتطاول بعض الموظفين على زملاء لهم من دون اتخاذ أي إجراء بحق المعتدي لكونه محمياً سياسياً.