كشفت نتيجة الفحوص التي أجرتها بلدية الغبيري لعيّنات من مياه الصهاريج التي توزّع على المنازل عن وجود جراثيم ناجمة عن خلط المياه مع الصرف الصحي، وعن جراثيم مقاومة للحرارة. وهذا يعني أن مياه الاستعمال التي نشتريها يومياً ملوّثة، ما يؤكّده مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران في حديث مع «الأخبار»، بقوله «كثير من هذه الآبار غير نظيفة وغير مطابقة للمواصفات».
تفاصيل العيّنات
تكشف مسؤولة قسم الرقابة وسلامة الغذاء في بلدية الغبيري، عبير الخنسا، أن التحاليل الجرثومية التي أجريت للعيّنات، في مختبر معتمد من وزارة الصناعة ووزارة الصحة، أظهرت أن «مياه الخدمة غير مطابقة، فضلاً عن كونها خطيرة على الصحة في حال الابتلاع، لكونها تحتوي على جراثيم أعلى من النسب المسموحة بحسب ليبنور». وحذّرت من «تأثيرها الأخطر على كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة، ومن يتلقون علاجاً كيميائياً».
وتوضح الخنسا أن ثلاثاً من أصل سبع عينات (أُخذت من صهاريج تملأ المياه من عين الرمانة ومارون مسك) أظهرت احتواءها على بكتيريا مقاومة للحرارة (Thermotolerant coliforms)، فالغليان لا يقضي عليها، وهي تدخل على الجسم عندما يفرك الإنسان أسنانه أو يبلع منها. ومن خلال غسيل الأطعمة والخضر بهذه المياه الملوّثة، تنشط البكتيريا وتتفاعل فتؤدي إلى التسمّم، أو إلى تفاعل أكبر، وخصوصاً إذا كانت لدى الجسم حساسية معينة أو بحالة حرجة كالمرضى الذين يخضعون لعلاج كيميائي والمسنين والأطفال.
وتحتوي اثنتان، من بين الثلاث عينات السابقة، على المكوّرات المعوية (Intestinal enterococci)، ومصدرها البراز البشري، ما يعني اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه المخزّنة في الآبار، أو وجود وسيلة أخرى سبّبت هذا الخلط. ومجرد القول أنه ثمة صرف صحي، معنى ذلك فتح المزدوجين لأصناف من البكتيريا والطفيليات لم نفحصها. وأسوأ أنواع الجراثيم مصدرها الصرف الصحي لأنه لا يعود ثمة بكتيريا واحدة فثمة أصناف وفصائل متعدّدة تتفاعل وتولد فصائل أخرى تبدأ مخاطرها من حالات التسمّم الغذائي لحالات الكوليرا وتؤدي إلى أمراض في الكبد وأمراض في المعدة والسرطان.
هذا وأظهرت جميع العيّنات وجود (total coliform) قولونيات، وبكتيريا (Pseudomonas aeruginosa)، سببها أن الآلية التي تُنقل بها المياه لم تكن معقمة ولم تكن بمواصفات تسمح بنقل وتحزين المياه. فأحد مصادر التلوّث هو الآلية نفسها لأن الأخيرة يجب أن تتوفر على مواصفات لحفظ وتخزين الماء لا أن تكون ملحّمة بالقصدير الذي يذوب، ويؤدي تراكمه في الجسم إلى مخاطر صحية فتستوطن هذه المركبات في الجهاز العصبي والدماغ.

الحلول
ماذا بعد الإعلان عن تلوّث المياه؟ أيّ حلول متوفرة أمام المواطنين؟
بالنسبة إلى رئيس بلدية الغبيري، معن الخليل الحلّ هو: «إعادة العمل في مشروع سد بسري الذي مدّدت كل بناه التحتية وتوقف العمل به بالسياسة». أما كإجراء سريع «على الدولة أن تغذي محطاتها بالمازوت لضخّ مياه أكثر وبشكل متواصل إلى أماكن الاكتظاظ السكاني لتخفيف الاعتماد على الشراء. ويمكن تأمين ذلك من جهات مانحة كون الضاحية على سبيل المثال تعجّ بالنازحين السوريين».
وإلى حينه، تنصح الخنسا بضرورة «تعقيم الصهاريج وفحص النواعير لمعرفة الملوّثة منها وإغلاقها. أما على صعيد فردي فوفق منظمة الصحة العالمية للقضاء على الكوليرا، وعلى الكثير من الجراثيم والبكتيريا، توضع نقطتان من الكلور (وهي مادة متوفرة بالسوبرماركت) لكل ليتر مياه، بالإضافة إلى تنظيف الخزانات وتعقيمها على السطح، ومن المهم الالتزام بالنسب حسب سعة الخزان سواء بالأقراص المعقمة أو الكلور السائل. أما داخل المنزل ولضمان تعقيم الخضار نقعها لمدة نصف ساعة ووضع مع كل ليتر نقطتين من الكلور».