تبيّن من جولة قامت بها «الأخبار» على بعض مراكز البيع بالتجزئة أن مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول لا تزال تباع للمستهلكين، على الرغم من قرار منعها بشكل نهائي، ما يعني أن بنداً أساسياً، على الأقل، من القرار الصادر عن وزارتي الاقتصاد والصحة لم يجر تطبيقه، وهو المتعلق بحظر تسويق هذه المشروبات، اعتباراً من أول حزيران الماضي. وكان وزيرا الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس والصحة العامة علي حسن خليل قد أصدرا في شباط الماضي قراراً حمل الرقم 1/1/أ ت منعا بموجبه استيراد وتصنيع وتسويق مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول، أي المشروبات الكحولية التي تحتوي على مواد مضافة منبهة كالكافيين والتورين «على سبيل المثال لا الحصر». وأعطى القرار التجار مهلة 4 أشهر لتصريف ما لديهم من هذه المشروبات.

بحسب مصادر معنية في وزارة الاقتصاد والتجارة، لم تتحرّك مديريّة حماية المستهلك التابعة للوزارة لضبط المخالفات «بسبب الشركات المنتجة، وسعيها لتمديد مهلة التصريف». وقالت هذه المصادر إن «الشركات تقدّمت بالفعل بطلب التمديد والوزير ألان حكيم يدرسه».
وقد أكد رئيس مجلس إدارة شركة «XXL» ورئيس نقابة تجار ومستوردي المشروبات الروحية، ميشال أبي رميا، لـ«الأخبار»، أن شركته قد التزمت بالقرار، لكنه أضاف «هذا لا يعني أننا أوقفنا إنتاج مشروبات الطاقة مع الكحول، إذ لم نعد نضيف مادتي التورين والكافيين إلى منتجاتنا، فالقرار يحظر إضافة هاتين المادتين ونحن التزمنا به».
كلام أبي رميا يقدّم تفسيراً خاصاً؛ فالقرار نصّ حرفياً على حظر كل أنواع مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول، وهو ذكر مادتي الكافيين والتورين «على سبيل المثال لا الحصر».
وأشار أبي رميا الى أن شركته طعنت في القرار لدى مجلس شورى الدولة وطالبت بتمديد المهلة، «لكن الطعن قد رفض»، معتبراً أن القرار هو «مؤامرة بين الدولة وشركات منافسة»، وقال إن «هناك شركات منافسة لم تعد تصنّع هذا المشروب، ورغبت في أن تتوقّف باقي الشركات عن تصنيعه». وأضاف أن «مستهلكي هذا المشروب يقومون بخلط الكحول ومشروبات الطاقة بشكل عشوائي، ما يشكّل خطراً على الصحّة. نحن نقدّم لهم تركيبة مدروسة وأقل خطراً بـ14 مرّة». وعن سبب استمرار وجود منتجات «XXL» في السوق، أوضح أن «هناك عبوات أنتجت قبل حزيران وما زالت معروضة. في الواقع شركتنا قد صدّرت كميات كبيرة من المنتجات إلى الخارج للتخلّص منها بسبب هذا القرار».


أبي رميا:
هذا القرار مؤامرة
بين الدولة وشركات منافسة
أكرم قساطلي، صاحب شركة قساطلي شتورة المنتجة لمشروب «Buzz» قال إنّ «الشركة أوقفت نهائياً إنتاج مشروبات الطاقة مع الكحول والتزمت بالقرار. لكن هذا لا يعني توقّف مشروب Buzz، فإنتاجه مستمر لكن بتركيبة مختلفة أيضاً».
يذكر أن قرار حظر مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول تم اتخاذه بناءً على اقتراح لجنة المتممات الغذائية، وبناءً على طلب المجلس الوطني لحماية المستهلك.
وكانت هذه المشروبات قد شهدت رواجاً كبيراً بين الشباب اللبناني، مع عرض إعلانات مكثّفة تروّج لها، توّجت بانتخاب «xxl» منتج العام في لبنان في 2012. ووفق شركات إنتاج هذا المشروب، يقدّر حجم استهلاكها بـ700 ألف صندوق سنوياً، ثمنها الإجمالي يقدّر بنحو 20 مليون دولار. كذلك يصدّر لبنان إنتاجه إلى دول مثل سوريا (التي حظرته أيضاً) والعراق وبعض دول أفريقيا.
تم حظر هذا المشروب في دول عديدة منها كندا، فرنسا، أوستراليا، الدنمارك، النروج، ماليزيا، تايلند، وأكثر من نصف الولايات في الولايات المتحدة الأميركيّة.
وكانت دراسات علميّة عديدة قد تناولت مخاطر مشروبات الطاقة مع الكحول، مبيّنةً أسباب منعها في العديد من الدول. فلهذا المشروب مفعولان: الأول بعد دخول مواد منه إلى جسم المستهلك، وخاصةً «الكافيين»، فيصبح المستهلك في حالة نشاط ويقظة، ما يدفعه إلى ممارسة نشاطات عادية كالذهاب إلى العمل أو الجامعة أو قيادة السيارة وسواها. أمّا المفعول الثاني، فيحصل بعد انتهاء مفعول مواد الطاقة، التي تختفي قبل انتهاء مفعول الكحول، فيستمر مفعول الكحول في الدم، وعندها يصبح الجسد، فجأة، في حالة ارتخاء، تعب وسكر تام، ما يؤدي إلى ضعف في التركيز وتشتّت الانتباه وارتفاع احتمال وقوع حادث، سواء حادث سير أو غيره، عدا عن أن هذا التقلّب السريع يترك آثاراً خطيرة. وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى أزمات قلبية مفاجئة. إضافة إلى ذلك، هناك تداعيات إضافية لهذه المشروبات، منها احتمالات الإصابة بالسكري وأمراض في الكبد والأعصاب.
لجنة المتممات الغذائيّة استندت إلى هذه الدراسات العلميّة من أجل التقدّم باقتراح منع مشروبات الطاقة مع الكحول نهائياً. وبعد عرض هذه الدراسات على المجلس الوطني لحماية المستهلك، أخذ القرار بمنع هذا المشروب، فيما هناك قرارات أخرى قد سبقت قرار المنع النهائي، وقد جاءت على ثلاث مراحل؛ الأولى كانت في 19 كانون الثاني 2012 وبموجبها منع الاستيراد، والثانية صدرت في حزيران 2012 وهي مرحلة تحديد نسبة الكافيين في العبوة الواحدة، أما الثالثة التي صدرت أخيراً، فقد جاءت لتمنع الاستيراد والتصدير والبيع. وفي كل مرّة كانت تضغط شركات استيراد وتصنيع مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول على وزارتي الاقتصاد والصحة لمنع تنفيذ مثل هذا القرار.