فاقمت الأزمة الراهنة من الأوضاع الصعبة لمستشفيات محافظة عكار التي تبدو وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، بسبب عجزها عن تأمين المازوت لتشغيل الأقسام والاهتمام بالمرضى، وعجز الموظفين والأطباء عن الوصول إلى عملهم بسبب فقدان مادة البنزين كلياً، وارتفاع «أجرة الطريق» إلى 50 ألف ليرة يومياً للبلدات البعيدة نسبياً عن مركز المحافظة.تضم محافظة عكار أربعة مستشفيات خاصة عاجزة اليوم تماماً عن تحمل الضغط الزائد، وهي مستشفى السلام في الدريب الأعلى ومستشفى الحبتور في جرد القيطع ومستشفى رحال ومركز اليوسف الاستشفائي التعليمي في حلبا، إضافة إلى مستشفى حلبا الحكومي. جميعها تقاتل باللحم الحي منذ بداية الأزمة. ومع عزل عكار عن محيطها وانعدام المحروقات، باتت مهددة بوجودها وقدرتها على الاستمرار، وبات إقفال بعض الأقسام أمراً لا بد منه.
يتدبر أصحاب المستشفيات اليوم المحروقات بالمجهود الشخصي، وبسبب ذلك بات التقنين السياسة الجديدة في «الشغل»، فلا مكيفات في الأقسام، ولا في طوابق المرضى ويتم توفير الكميات الموجودة لغرف العمليات، ومرضى غسيل الكلى. ووصل التقنين إلى دوامات العمل، حيث يشير سعود اليوسف، رئيس مركز اليوسف الاستشفائي التعليمي (أكبر المستشفيات في المحافظة ويتم الاعتماد عليه بشكل أساسي) إلى أن «الموظفين من خارج حلبا تم تخفيض أيام عملهم إلى ثلاثة أيام أسبوعياً»، لافتاً إلى «أننا بتنا مهددين وعاجزين عن الاستمرار. القدرة الاستيعابية للمستشفى كانت تقارب الـ 90 مريضاً في اليوم، أما حالياً فلا تتجاوز الـ 25 مريضاً». مع ذلك، ليست أزمة المحروقات والأدوية والمستلزمات هي وحدها ما تعاني منه مستشفيات المحافظة، بل «تمتاز» عن بقية المناطق بانقطاع الاتصالات والإنترنت وخدمة أوجيرو وخطوط الخليوي، وهو «ما يجعل العمل مستحيلاً».
أما المستشفى الحكومي، فهو الآخر في وضع لا يحسد عليه، وأخيراً أصدرت إدارته بياناً تستنكر فيه «الفَلَتان المستشري الذي بات يهدد حياة المرضى في المستشفيات، وآخر فصوله مصادرة صهريج مخصص لمستشفى عبد الله الراسي الحكومي - حلبا، على طريق الحصنية وإفراغ حمولته البالغة 7 آلاف ليتر».