عندما تتحدث عن أكثر من 700 ملف عالق لدى قاضٍ منفرد واحد مٌتغيّب منذ أكثر من عام ونصف عام عن غرفته في قصر عدل بعلبك، ففي ذلك تقصير وإهمال لهذه الملفات. أما عندما يكون القاضي المٌتغيّب نفسه يَتولّى بموجب التشكيلات القضائية الأخيرة، التي جرت في عام 2017، 18 غرفة لقضايا العجلة والتنفيذ والمالية والعقارية والأحوال الشخصية والإيجارات في بعلبك، وقاضياً منفرداً مدنياً وجزائياً للهرمل ورأس بعلبك، فإن في ذلك إجحافاً ليس في حق أصحاب الدعاوى والشكاوى والمعاملات فقط، وإنما في حق أبناء محافظة بأكملها.
ليس هذا وحسب، فقصر عدل بعلبك المتصدّع أصلاً، ما انفكّ أهل المنطقة وقضاتها ومحاموها يطالبون منذ سنوات بتأهيله وترميم الطابق الرابع فيه، واستحداث أقواس للمحاكم فيه وغرف وأقلام لتلك المحاكم، إلّا أنهم لم يلقوا آذاناً صاغية لهم، لتبقى الوعود وحدها بمثابة «الأحكام» التي صدرت في حق المنطقة.

عاد الجميع أخيراً لإثارة الموضوع، فأرسلوا كُتباً خطيّة إلى كلّ من رئيس «مجلس القضاء الأعلى» القاضي سهيل عبود، ونقيب المحامين في بيروت، يطالبون فيها برفع المعاناة عن أهالي المنطقة. ليفاجئ عبود، اليوم، قضاة ومحامي قصر عدل بعلبك، الذي جال على أقلام ومكاتب عدد من القضاة، قبل أن يجتمع مع المحامين لبعض الوقت، ويستمع إلى مطالبهم، ويختتم زيارته باجتماع مطوّل مع القضاة، إلّا أن اللافت في الزيارة، التي طال انتظارها، كان حصولها بحضور مندوبين عن «وكالة التنمية الأميركية» (USAID).

وقد علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة، أن عبود سيعمل على «معالجة النواقص في عدد القضاة في بعلبك عن طريق الانتدابات لسدّ النواقص»، في حين كشفت المصادر أن حضور (USAID) مع رئيس «مجلس القضاء الأعلى» جاء بهدف «الكشف على الطابق الرابع في مبنى قصر العدل في مدينة الشمس من أجل العمل على ترميمه وتأهيله من أجل زيادة القدرة الاستيعابية لقصر العدل المؤقت، ريثما يتمّ البتّ في موضوع مبنى جديد لائق بقصر عدل بعلبك».

ليس هذا وحسب، ففي جعبة عبود «عدد من الاقتراحات القضائية التي لن يتم الكشف عنها حالياً بغية عدم نسفها والاعتراض عليها»، وفق ما أكدت المصادر المتابعة لـ«الأخبار».

وتجدر الإشارة إلى أن المحامين والقضاة في المحافظة يطالبون منذ سنوات باستحداث محكمة جنايات، لكون محكمة جنايات بعلبك تقع في زحلة. كما يطالب هؤلاء بسجل تجاري وقاض أصيل لمحكمة الهرمل، وقاض لمحكمة رأس بعلبك، على أن يكون الحضور يومين في الأسبوع، بهدف تسهيل العمل والإسراع في إنجاز معاملات المواطنين من أبناء المنطقة.

ويطالب هؤلاء، أيضاً، بتعيين ثلاثة قضاة منفردين أصيلين تُوزّع عليهم الغرف الخمس، بحيث يتفرغ قاض للعجلة، وآخر للمالي والعقاري، وثالث للأحوال الشخصية والإيجارات.

ومن الأمور، التي يطالب بها الجميع، كذلك، استحداث دائرة تنفيذ مع قاض أصيل مُتفرّغ للتنفيذ، فضلاً عن محكمة بداية خاصة في بعلبك تحضر كل أسبوع، بدلاً من تلك التي تنعقد في زحلة كل شهر، في ما يخص دعاوى بعلبك، وإذا صودف يوم عطلة أو إضراب أو تعذّر الحضور، تُؤجّل شهراً إضافياً، فيتكبّد المراجعون من بعلبك والهرمل عناء البدل المادي والجسدي لبُعد المسافة، فضلاً عن التّكلفة المالية لنقل الملفات إلى زحلة.