خلال الأيّام الماضية، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في طرابلس بحادثة لمواطن سُرقت سيارته قرب منزله في منطقة الضم والفرز في المدينة. «التزاماً بدولة القانون والمؤسسات» قصد المواطن مخفر التل للتبليغ عن السرقة، لكنّ الأمر انقلب عليه. بحسب الرواية المتداولة، فإن عناصر المخفر تأخروا في طلب النشرة لصاحب السيارة المسروقة بسبب توقف البرنامج الإلكتروني. استبقوه لساعات إلى حين إعادة تشغيله. أظهرت النشرة وجود محضر ضبط سير بحقه، فدخل في دوامة انتظار أخرى دامت 24 ساعة بعد أن استعان بصديقه المحامي. انشغل عناصر المخفر بمحضر الضبط ونسوا السيارة المسروقة.
«الدولة أخذت حقّها الذي لا يموت من هذا المواطن، لكن حقّه في استعادة سيارته الذي بقي معلقاً في الهواء من يعيده إليه؟». هكذا يختصر الطرابلسيون ما حصل مع مواطنهم، ومع كثير قبله من الذين سُرقت سيّاراتهم أو هواتفهم الخلوية أو أموالهم أو بيوتهم أو محالّهم التجارية من غير أن تتوصّل القوى الأمنية إلى نتيجة، سواء في كشف الفاعل أو إعادة المسروقات، إلا في ما ندر.

هذا الواقع جعل كثيرين يفضلون عدم إبلاغ القوى الأمنية عن حوادث السرقة أو الاعتداء حتى لا يتعرّضوا لما تعرّض له ذلك المواطن، برغم تزايد أعمال السرقة والاعتداءات يومياً في المدينة.

يأتي ذلك وسط استياء بالغ من غياب عناصر القوى الأمنية وشرطة البلدية عن قيامهم بأيّ إجراءات للحدّ من أعمال السّرقة. ففي نهاية الأسبوع الماضي، ركن أحد الأشخاص سيارته قرب دوّار نهر أبو علي وبداخلها شقيقه، وهو من ذوي الحاجات الخاصة، وذهب لشراء إحدى الحاجات من محل قريب. لكنّه عندما عاد بعد دقائق وجد شقيقه مرمياً على الرصيف والسّيارة اختفت من المكان.

وفي حادثة أخرى قرب مستشفى السّلام، عند المدخل الجنوبي لطرابلس، فوجئ صاحب كشك بدخول مسلحين ملثمين إليه، أخذوا غلته وجميع «كروزات» السجائر. كما تعرّض محل لبيع السجائر قرب مستديرة مستشفى النيني للكسر والخلع وسرقة محتوياته.

لكنّ أساليب الاعتداء والسّرقة التي تشهدها طرابلس اختلفت في كلّ مرّة عن سابقاتها، لتسجّل أنماطاً جديدة، بعضها يحصل للمرّة الأولى في المدينة. فقبل أيّام وبينما كان أحد المواطنين متوجّهاً من منزله في منطقة الضمّ والفرز إلى أحد المساجد القريبة منه لأداء صلاة الفجر، تعرّض له مسلحون ملثمون ووضعوا مسدساً في رأسه، لكن عندما لم يعثروا معه على شيء انهالوا عليه بالشتائم قبل أن يتركوه.

وعند إشارة شارع عزمي، وبينما كان أحد المواطنين واقفاً ينتظر سيارة أجرة، اقترب منه شابان على متن درّاجة نارية، وسألاه عن الساعة. ولمّا رفع هاتفه الخلوي ليتأكد منه، خطف أحدهما الهاتف من يده بسرعة البرق قبل أن تنطلق الدراجة النّارية وتختفي عن ناظرَيه.

مع تزايد نسب الفقر في «أمّ الفقير»، سُجّلت في القبة على سبيل المثال «50 عملية سرقة خلال أسبوع واحد»، وفق ما أوضح مصدر أمني لـ«الأخبار».

هذه التطوّرات دفعت المواطنين إلى اتخاذ تدابير وإجراءات معيّنة للحيطة والحذر، من أبرزها استبدال أبواب بيوتهم ومحالّهم التجارية الخشبية بأبواب أخرى حديدية، وعدم التجوّل في شوارع المدينة ليلاً، وركن سيّاراتهم في أماكن آمنة مقابل بدل مادي، بعدما سُجّل ارتفاع عمليات سرقة السّيارات بشكل يومي.

يردّ المصدر استفحالَ وتزايد أعمال السّرقة إلى «الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يدفع كثيرين لارتكاب هكذا أعمال، سواء أكانوا من أصحاب السوابق أم يقومون بها للمرّة الأولى»، محذّراً من أنّ «الانفلات الأمني وأعمال السرقة لا يمكن أن تُضبط أمنياً، لأن المشكلة في الأساس اقتصادية ومعيشية، عدا أنّها سياسية أيضاً»، مشيراً إلى أنّ «أشخاصاً متّهمين بالسرقة يتم إطلاق سراحهم بعد ساعات من توقيفهم، بسبب تدخلات تقوم بها جهات سياسية أو أمنية».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا