قالت مصادر في شركة سوليدير، إن الإدارة تسعى إلى صرف نحو 120 موظفاً، فضلاً عن أنها أغلقت عدداً من المطاعم والمقاهي التي تملكها في وسط بيروت بسبب الأكلاف الكبيرة التي تكبّدتها جراء الانحراف في عملها من التطوير العقاري نحو إدارة المؤسسات السياحية. هذا الأمر حفّز الخلافات بين الأقطاب المسيطرين على الشركة، وأدّى إلى إجراء تغييرات في الإدارة، أبرزها تعيين جمال عيتاني مديراً عاماً بدلاً من منير الدويدي، وشجّع تجّار العقارات ورجال الأعمال الذين لديهم مصالح مع هذه الشركة على الاعتراض على الإهمال اللاحق بهم.
خلال الأشهر الستة الماضية، كان رئيس مجلس إدارة سوليدير ناصر الشمّاع مقيماً في السعودية، حيث عقد صفقات مع بعض الشركات العقارية من دون أن يعرف إذا كان هذا العمل لحساب شركة سوليدير أم لحسابه الخاص، أو يدمج بين الاثنين معاً.
طيلة هذه الفترة، كانت المنطقة التي تُعرف باسم «وسط بيروت التقليدي»، تعاني أزمة كبيرة لجهة الركود الذي أصابها والشلل الذي تحكّم في حركة الرواد إليها، واقفلت فيها الكثير من المؤسسات، سواء كانت مطاعم أو مقاهيَ أو محالّ تجارية. ويضاف إلى ذلك أن اهتمام شركة سوليدير بمنطقة «وسط بيروت المستحدث»، أي المنطقة المردومة حديثاً، التي تمثّل «زيتونة باي» (هذا الاسم هو اختزال لما كان يعرف أنه خليج السان جورج) الجزء المعروف منها، جاء على حساب الوسط التقليدي. فقد قرّرت سوليدير أن تسوّق لمشروع «زيتونة باي» بعيداً عن اهتمامات المستثمرين والمطورين العقاريين في منطقة الوسط التقليدي. وفي كلتا المنطقتين، أسّست سوليدير سلسلة من المطاعم والمقاهي، آملة أن تحقّق لها بعض المردود المالي والسيولة التي تحتاج إليها على مدار السنة من أجل الاستمرار في أعمال التطوير العقاري، وخصّصت لها عددا من الشركات برأس مال يصل إلى 12 مليون دولار، وعيّنت بعض أعضاء مجلس إدارتها على رأس هذه الشركات.
تبديد إدارة سوليدير ملايين الدولارات ليس له مبرّر عملي

هذه التنفيعات ليست مجانية، فقد تكبّدت سوليدير خسائر كبيرة في هذه المؤسسات السياحية، واستنفدت رأس مالها، ما اضطرها إلى إغلاق هذه الشركات. أبرز المؤسسات التي أغلقت كانت تدير مطاعم ومقاهي بأسماء مختلفة. أبرزها Stay الذي كبّد سوليدير وحده مبلغ 6.5 ملايين دولار، على ما يقول المطلعون. وقد أغلقت شركة سوليدير، أيضاً، مقهى «غريد»، و«ماموس»، و«تي غاردن»... وبحسب المطلعين، فإن سوليدير أغلقت كل المقاهي والمطاعم التي تملكها وتديرها في وسط بيروت بعد خسائر كبيرة لحقت بها ستظهر في ميزانيتها السنوية «إن لم يجر طمسها» على حد تعبير بعضهم. وهذا الوضع يدفعهم إلى صرف أكثر من 120 موظفاً في هذه الشركات وفي الإدارة الأساسية.
لكن مساوئ إدارة سوليدير لا تقتصر على أفكار «تبذير» الأموال من خلال «مغامرة» الانتقال من أعمال التطوير العقاري إلى مجال المؤسسات السياحية، بل امتدّت إلى إجراء تغييرات في الإدارة شملت استقدام جمال عيتاني مديراً عاماً للشركة بدلاً من منير الدويدي. الرؤوس الكبيرة في سوليدير قرّرت القيام بهذه الخطوة لتثبت لمن لديهم مصالح معها من رجال أعمال وشركات وتجار عقارات، أنها لا تزال مهتمة بإدارة هذه المنطقة وتطويرها، لكن هذا التغيير، الذي لم يعجب بعض أصحاب المصالح، دفعهم إلى الاعتراض بصوت عالٍ. وفي هذا الإطار زار الوزير السابق وليد الداعوق عضو مجلس إدارة سوليدير باسيل يارد، حيث علا الصراخ بينهما... وتروي المصادر، أنه عند هذه النقطة، تحرّك يارد في اتجاه إجراء اتصالات مع المساهم الأكبر في الشركة، أي آل الحريري، الذين عبّروا له عن استيائهم من تعيين عيتاني ومن الإهمال اللاحق بإدارة الشركة واثره على العلاقة بين المستثمرين اللبنانيين والعرب مع الشركة، وخصوصاً أن بعضهم اشتكى بصورة واضحة أمام بعض افراد من آل الحريري.
لكن اللافت في ما يحصل داخل سوليدير، أن يارد هو الرابط الأساسي بين شركة سوليدير وآل الحريري. فهؤلاء هم الذين يمنحون ناصر الشمّاع وكالة للتصرّف بحصصهم واستعمال حق التصويت في مجلس إدارة الشركة عن طريق يارد، وهم يعلمون أن يارد هو المسؤول «معنوياً» تجاه أي خطوة يقوم بها الشمّاع بوصفه رئيساً لمجلس الإدارة. ويردّد بعض المستثمرين الذين التقوا أفراداً من عائلة الحريري، أن سوء الإدارة في سوليدير يدفعهم إلى التفكير جدياً في العدول عن ثقتهم في الشمّاع لأن القرارات الفردية فيها تطغى على الأعمال التي تتلاءم مع مصالحهم وأوضاعهم.
ويلفت بعض المتابعين، أن تبديد إدارة سوليدير ملايين الدولارات ليس له مبرّر عملي، لا بل إن الصراع يدور اليوم بين أبناء الصفّ الواحد، أي الشمّاع ــ يارد ــ آل الحريري، يحمل في خلفية أن الشركة لا تزال تملك أكثر من 1.8 مليون متر مربع من المساحات المبنية الصافية وثمنها بسعر السوق، يفوق 7 مليارات دولار، أما غالبية هذه المساحات، فهي تقع على الواجهة البحرية في المنطقة المستحدثة. من يسيطر على هذه الأمتار يسيطر على أسعار العقارات في كل لبنان.