منذ شهر، انتشرت صورة طلاب السنة الأولى، في كليّة الإعلام التوثيق ــ الفرع الثاني، وهم يقدمون امتحاناً في قاعة جالسين على لأرض. نشر «طلاب الهيئة»، آنذاك، بياناً عن الوضع «المشين» و«الفوضى العارمة». طرحوا عدداً من الأسئلة «الهامة». أسئلة من نوع «إلى متى...» و«أين رئاسة الجامعة» و«أين العميد؟» وأين هذا وذاك؟
للوهلة الأولى، بدا الأمر كأن الطلاب يحاولون «تسليط الضوء» على الوضع الذي يصفونه بالـ«المزري»، لمبنى كليتهم في الفنار. وهم محقّون في قضية المبنى. المبنى فعلاً مهترئ. لكن الطلاب، هذه المرة، لجأوا إلى أساليب... «غريبة».
هكذا، قررت «الهيئة الطالبية» إجراء «استفتاء» لمعرفة رأي الطلاب بنقل الكلية إلى مبنى آخر، وتوحدت آراء الطلاب والأحزاب باقتراح النقل إلى مبنى على أوتوستراد جونية. «عاصمة» كسروان.
عملياً، بدأت هذه الحملة تظهر في بداية السنة، ولكن خلال اليومين الماضيين، أطلقت الأحزاب في الجامعة حملة جديدة لتذكير الطلاب بأنهم «ما زالوا في الفنار». في السنوات السابقة، كانوا ينظمون حفلات متعددة ورحلات إلى الثلج ترفيهاً، وإلى معراب أو الرابية حجيجاً. لكن يبدو أن ميزانية «الترفيه» هذه السنة متدنّية. الجميع منشغل بالـ«بروباغندا» والدعاية من أجل نقل الكلية الى جونية.
بعض الطلاب ذهبوا إلى وسائل الإعلام للحديث عن «إهمال الإدارة». وشيئاً فشيئاً، بدأت تتكاثر البيانات على مدخل الكلية حتى وصلت إلى ذروتها أمس في الاستفتاء. فمن خلاله، عبّرت الأحزاب و«الهيئة الطلابية» عن «إخلاصها» للقضية، وأكد الجميع في كل بيان رغبتهم في «الدفاع عن مصلحة الطلاب». وبعد بضعة أسابيع، تحوّلت المطالب من «ترميم المبنى» إلى «نقل المبنى إلى جونية». «الهيئة» أن الترميم لم يعد كافياً. طبعاً، كان معظم الطلاب يشجّعون المشروع، وشاركوا في «الاستفتاء» بكثافة، وطالبوا بنقل الجامعة، بطلابها وموظفيها وتاريخها، وقصصهم إلى جونية. منهم من فضّل ذلك، لأسباب جغرافية كسكان كسروان وجبيل. ومنهم من يتوق إلى الهرب من حي «الزعيترية» القائم فوق الكلية لأنهم لا يعرفون «أي متى بيطلع عبالهم يهجموا علينا»، رغم أن ذلك لم يحدث قبلاً. وكدليل على ذلك، وجد مسؤول في «الهيئة» أول من أمس، رصاصة فارغة، قرب مبنى الكليّة (لا أحد يعرف أين بالضبط)، فهرع بها إلى كافيتريا الجامعة، حاملاً الدليل القاطع على ضرورة مغادرة الفنار، في أسرع وقت. أخبر الجميع أنهم «قوصوا عالجامعة». ولكن لا أحد يعرف من هم الذين «قوصوا» هذه الرصاصة الفارغة.
اللافت أن الطلاب وحّدوا أصواتهم «فجأة». قواتيون وعونيون وكتائب... الآن، يعتقدون أن من حقهم «تحديد» موقع الجامعة الجغرافي، استناداً إلى حساباتهم الديموغرافية. بدوره، فوجئ مدير الكلية ابراهيم شاكر بتضخّم حملة جونية. يقول شاكر إن الحملة «طرحها أستاذ في الجامعة يسكن في البترون». يريد الأستاذ أن ينقل الكلية إلى مكان قريب من منزله. وهنا يعلّق شاكر: «كرمال أستاذ أو اثنين بدنا ننقل الجامعة!؟». يرى المدير أن طرح جونية أعجب الأحزاب، لذلك «مشيت بالحملة». ويقول إنه «كان باستطاعة الطلاب المطالبة بمجمع للفروع الثانية، فلماذا لم يفعلوا ذلك؟».
إلى ذلك، تضمن الاستفتاء الطالبي ـــ الحزبي، طرحاً آخر، يتضمّن مبنىً في المنصورية أكبر من مبنى الفنار، وفيه حديقة ومساحة للسيارات. لكن الطلاب، كما يبدو... يفضلون أوتوستراد جونية. على مدى يومين وهم مشغولون بتزيين الكلية، بصور لمبنى جونية وإلى جانبه صور لمبنى المنصورية (قيد البناء). في الفنار، يمكنك أن ترى كلمة جونية في كل مكان، وتسمعها على لسان الجميع. «صوّتت لجونية؟» يسأل البعض رفاقهم في الصفّ ويفرحون بالجواب. يحلمون بجونية، قرب البحر... يحلمون بالوصول في خمس دقائق إلى معراب أو بمحاضرة للنائبة جيلبرت زوين المقيمة في كسروان، والضيفة الكريمة على البرلمان. يردد الطلاب أنهم يبحثون عن «حل سريع، فالكلية عم بتهرّ». وفي جونية «مبنى جاهز»، بحسب مصادر مسؤولي القوات والعونيين، كما أنه، للمفارقة، بعيد عن «الزعيتريّة». أما طلاب الكتائب، فيقول المتحدث باسمهم في الجامعة، يوسف كرم، إنهم «مع مصلحة الطلاب مش متل غير أحزاب هدفها سياسي». ولذلك، بادر طلاب الكتائب، «فجأة»، أمس، وأزالوا اسم المنصوريّة وجونية من الاستفتاء «الموحد». لكن يبدو أنه لم يعد موحداً، بعد تداول شائعات تفيد بأن الأستاذ، الذي يقطن في البترون، ما غيره، قابل النائب ميشال عون متمنياً عليه «دعم قضيّة نقل الجامعة إلى جونية». في أية حال، يؤكد شاكر أن «جميع المباني تحتاج إلى صيانة، في الفنار والمنصورية وجونية». كما أن المفارقة أن استفتاء الطلاب في وادٍ والواقع في وادٍ آخر، إذ بدأ العمل على مشروع إعادة تقويم المبنى في الفنار وتوسيعه، بإشراف لجنة تشكّلت بالتنسيق مع الإدارة.