«يعيش لبنان في ظلّ أزمة مالية قد تتحوّل إلى أزمة مستفحلة تنسحب تداعياتها على سعر صرف الليرة اللبنانية وعلى القطاع المصرفي، ما لم تنفّذ السلطات عاجلاً إجراءات ملائمة ومحدّدة». هذا ما تتوقعه ورقة تحت عنوان: «الأزمة المالية في لبنان»، وضعها الاقتصادي، توفيق كسبار، ونشرها «بيت المستقبل» بدعم من مؤسسة «كونراد آديناور»، وستناقش في حلقة مغلقة مع مجموعة من الخبراء والمعنيين، في 19 الشهر الجاري، في فندق سوفيتيل لوغبريال، الأشرفية.
تعود أسباب الأزمة، بحسب هذه الورقة، إلى السياسة التي انتهجها مصرف لبنان (المصرف المركزي) منذ زمن طويل، والقائمة على دفع أسعار فائدة سخية للمصارف، مقابل ودائعها بالدولار الأميركي لديه، التي تجاوزت بحدّ كبير أسعار الفائدة العالمية التي يتقاضاها هو نفسه مقابل إيداع هذه المبالغ. وقد أدى ذلك إلى تزايد الخسائر التي تكبّدها مصرف لبنان منذ مطلع القرن الجاري. وتعود أسباب الأزمة أيضاً إلى ارتفاع العجز المالي والدين العام الناتج من الإنفاق الحكومي غير المقيّد على بنود النفقات الجارية (الفائدة على الدين العام، والأجور، وتحويلات مختلفة) وليس على المشاريع الإنتاجية. من أهم ما ترتّب على سياسة مصرف لبنان تحوّل صافي الاحتياط النقدي لديه إلى سالب، إذ تجاوزت التزامات مصرف لبنان أصوله بالعملات الأجنبية، إضافةً إلى حاجته المستمرة لودائع بالدولار التي سبّبت بدورها زيادةً مستمرة في سعر الفائدة. في الواقع، أدت عملیة «الهندسة المالیة»، التي قام بها مصرف لبنان في صیف عام 2016، إلی رفع ودائع المصارف بالدولار الأميركي لديه بنحو 5 ملیارات دولار. وبالتوازي مع ذلك، دفع مصرف لبنان إلى المصارف المبلغ نفسه على شكل «عمولات»، ولكن بالليرة اللبنانية. وکما أکّد أحد تقارير صندوق النقد الدولي، فإن المبلغ الذي دفعه مصرف لبنان یعادل مساهمته في رأسمال المصارف من دون أن يكون له في المقابل أي حصة في رساميلها. يقول كسبار: «لا نبالغ إذ نقول إن تأثير سياسة مصرف لبنان على المصارف اللبنانية كان أكثر خطورة مما نظن، إذ نحو 60% من إجمالي أصول المصارف هي اليوم ائتمان للقطاع العام». ويؤثر ذلك سلباً في الوضع المالي للمصارف، إذ أصبح مرتبطاً بالوضع المالي الضعيف للقطاع العام. إن بنية الجهاز المصرفي هذه تعي أيضاً أن المصارف لم تعد تؤدي دور الوسيط في النشاط الاقتصادي في لبنان، علماً بأن الوساطة المالية مع القطاع الخاص هي، من حيث المبدأ، وظيفتها الرئيسة. ثمة عوامل إضافية تضغط على الوضع المالي الراهن في لبنان: تزايد الارتفاع في العجز المالي والدين العام، تزايد حاجة مصرف لبنان إلى أموال بالدولار الأميركي وتزايد محتمل في أسعار الفائدة العالمية. ولاحتواء الوضع الذي نتج من هذه الأزمة، يقترح كسبار اتخاذ تدبيرين محدّدين يحتاج تنفيذهما إلى اتفاق مسبق وحازم بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء. يقتضي الإجراء الأول إعلان مجلس الوزراء نيته خفض العجز المالي خلال سنوات عدة، والبدء مثلاً بتحديد هدف خفضه إلى 4 مليارات دولار عام 2018. من شأن ذلك أن يمنح الأسواق المحلية والدولية الثقة بمستقبل الوضع المالي في لبنان. أما الإجراء الثاني، فيتمثل في الدعوة إلى مساءلة سياسة مصرف لبنان، على النحو الذي يقتضيه القانون، ولا سيّما سياسته لسعر الفائدة. «الأخبار» نشرت الجزء الأول من هذه الورقة في عددها الصادر أمس وتنشر اليوم الجزء الثاني والأخير

تضخّم مصرفي ونقدي على حساب الاقتصاد



لا تقتصر تداعيات السياسة النقدية التي اعتمدها مصرف لبنان على تدهور وضعه المالي، ولا على التكلفة المالية المباشرة والباهظة لعملية «الهندسة المالية» الأخيرة. فعلى الرغم من أن سياسة مصرف لبنان أدت إلى زيادة كبيرة في أرباح المصارف ورؤوس أموالها، إلا أنها جعلتها أقلّ قدرة على مواجهة الصدمات، كما زعزعت استقرار القطاع المصرفي. وعلاوة على ذلك، فإن التوسع القوي الذي شهده نشاط القطاع المصرفي لم يرتبط إلا قليلاً بالنشاط الاقتصادي ككل.

أ ــ عافية المصارف

يظهر الاتجاه الذي نحت إليه الأمور بوضوح في الجدول رقم 2، وذلك في جميع الفئات المدرجة؛ منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، عمدت المصارف إلى إقراض القطاع العام بشكل مطّرد ما قارب منتصف عام 2017 نحو نصف أصولها كمستحقات على مصرف لبنان وحده. وكما أشرنا في الجزء الأول (أمس)، أضعفت هذه الممارسات بشكل كبير وضع المصارف في لبنان من خلال ربط عافيتها المالية واستقرارها بأوضاع القطاع العام الضعيفة. هذا التقييم قائم على الرغم من الأرباح الكبيرة التي حققتها المصارف مؤخراً، كونها ناتجة بشكل مباشر من أسعار الفائدة السخية التي قدّمها مصرف لبنان وليس من قيامها بوساطة ناجحة في النشاط الاقتصادي.
ومن الآثار السلبية الأخرى لسياسة مصرف لبنان، تداعياتها على سيولة المصارف. حين تواجه المصارف ضغوطاً مالية، تكون سيولتها بالدولار الأميركي مودعة لدى المصارف غير المقيمة أو الأجنبية. وکما یظهر الجدول رقم 2، فإن هذه الاحتیاطات تراجعت ليس فقط کنسبة مئویة من إجمالي أصول المصارف، ولکن أیضاً بالقیمة المطلقة، وذلك بسبب تحويل المصارف المستمر لأرصدتها بالدولار الأميركي إلى مصرف لبنان، خصوصاً منتصف عام 2017.

ب ــ الاقتصاد

نجح مصرف لبنان فعلاً في المحافظة على استقرار سعر صرف الليرة لأكثر من ربع قرن. ولكن تكلفة هذه السياسة على استقرار القطاع المالي وعلى الاقتصاد برمته كانت هائلة ولا تزال. إن مواصلة مصرف لبنان انتهاج السياسة التي فصلناها أعلاه، مصحوبة بسياسة المالية العامة التي سنتناولها لاحقاً، تؤشر إلى أن الحفاظ على استقرار الليرة سيكون مستقبلاً صعباً للغاية.

ركزت المصارف نشاطها
على القطاع العام وكأنها مديرة
خزينة فقط

تقنياً، تُعرف المصارف على أنها مجموعة من «الوسطاء الماليين»، وتتمثل مهمتها الرئيسة في تأمين الوساطة بين الوفورات النقدية والائتمان للقطاع الخاص. وأحد التداعيات الأساسية للسياسة النقدية التي اتبعها مصرف لبنان توقف المصارف عن العمل كوسيط في الأنشطة الاقتصادية. فمنذ عام 2003، استقر حجم الائتمان المصرفي للقطاع الخاص على ما يقارب 25% فقط من مجموع الأصول المصرفية، وذلك على الرغم من أن القطاع الخاص يهيمن على النشاط الاقتصادي. وعوضاً عن قيامها بمهمتها الرئيسة كمصدر إقراض للاقتصاد الخاص الواسع، ركّزت المصارف نشاطها على القطاع العام، ولا سيّما مصرف لبنان، وكأنها مديرة خزينة فقط.
والمؤشر الذي يظهر مدى تراجع القطاع المصرفي عن المشاركة في الاقتصاد هو الميزانية العمومية الموحّدة للجهاز المصرفي، والتي تشمل مصرف لبنان والمصارف التجارية مجتمعة، ولا تحتسب العمليات بين المصارف ومصرف لبنان. وأظهرت هذه الميزانية الموحّدة الآتي:
بلغت الميزانية العمومية الموحّدة للجهاز المصرفي نهاية عام 2007، نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، ما يقارب 300%. وكما يبينّ الجدول رقم 2، دأبت هذه النسبة منذ ذاك الحين على الإرتفاع، لتصل منتصف عام 2017 إلى 252% من إجمالي الناتج المحلي. وهذا يعني أن جميع الزيادات التي سجلتها ميزانيات مصرف لبنان والمصارف المحلية خلال السنوات العشر الماضية لا تعكس سوى العمليات بين مصرف لبنان وهذه المصارف، وأن الاقتصاد قد هُمّش كلياً من هذا النشاط المشترك بين المصارف. كان القطاع المصرفي یتوسع ویستفید من الناحیة النقدیة فقط من خلال عملیاته مع مصرف لبنان وخارج المجال الاقتصادي العام: تضخم مصرفي ونقدي من دون أيّ توسع مماثل في النشاط الاقتصادي الحقیقي.

الموازنات الحكومية: إنفاق أموال الآخرين



الوضع المالي المتدهور للاقتصاد وما يتأتى عنه من مؤشرات على وجود أزمة مستشرية، لا يعود فقط إلى السياسة التي اعتمدها مصرف لبنان، إذ تتحمل الحكومات المتعاقبة جزءاً كبيراً من المسؤولية، ولا سيّما لجهة النفقات العامة. ويبيّن الجدول رقم 3 بنية النفقات المتراكمة للحكومات المتعاقبة منذ ما يقارب ربع قرن، أي منذ عام 1993.
هناك «قاعدة اقتصادية ذهبية» تنصّ على أن الحكومات يجب ألا تقترض إلا لتأمين النفقات الاستثمارية، كالنفقات المرصودة مثلاً للبنية التحتية المادية والبشرية، وليس على النفقات الجارية. يظهر الجدول رقم 3 أنه خلال السنوات الأربع والعشرين الماضية، خُصص نحو ثلثي الإنفاق الحكومي لخدمة الدين وللأجور والملاحق المرتبطة بها، وذهب ثلث الإنفاق الكلّي لخدمة الدين وحدها. ولم تتعدّ حصة النفقات الإنتاجية، ومن ضمنها الهدر وعدم الإنتاجية، سوى 8% فقط من مجموع الإنفاق. لذلك، وخلافاً للتصريحات المتكرّرة التي يدلي بها مسؤولون حكوميون، لا يمكن من الناحية الاقتصادية تبرير حجم الدين الحكومي القائم أو تعليله بما يسمى الإنفاق على «إعادة الإعمار».
وكان لمؤسسة كهرباء لبنان حصة كبيرة في النفقات العامة، اتخذت شكل تحويلات لاستيراد الوقود بدلاً من العمل على توسيع طاقتها الإنتاجية. أما التحویلات الأخرى التي بلغت نحو 13% من إجمالي النفقات العامة، فقد وزعت بالتساوي بين تحويلات لمؤسسات مختلفة في القطاعين العام والخاص.
أدى هذا النمط من الإنفاق الحكومي والعجز المستمر، إلى ارتفاع حجم الدين باطّراد حين بلغ 148% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016، ما يُعَدّ من أعلى المعدلات في العالم. إن الخطر الناجم عن هذا الدين العام المرتفع لا يكمن في حجمه، بل في الأسباب التي أدت إليه، والتي تُختصر بسياسة الإنفاق الحالية التي تحجم عن الإنفاق في المشاريع الإنتاجية التي من شأنها تعزيز طاقة الاقتصاد وتفعيل قدرته الإنتاجية.
إن السياسات المالية العامة والنقدية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة ومصرف لبنان، هي المسؤولة عن أي أزمة مالية قد تضرب لبنان. وما يفاقم من هذا الوضع المالي ويزيد من خطورته، هو غياب النقاش والمساءلة حوله في مجلس الوزراء ومجلس النواب وحتى في المنتديات العامة. لم تقرّ موازنة عامة في لبنان منذ عام 2005، ومنذ التسعينيات لم يخضع المصرف المركزي للمساءلة حول سياساته النقدية كما حصل مراراً في السابق، وحتى أثناء الحرب، عندما اضطر إلى شرح سياساته أمام البرلمان في مناسبات عدة.

احتواء الأزمة: سقف للعجز ومساءلة سلامة



على الرغم من هذا المشهد المأساوي، يمكن أن تحدث تطورات من شأنها تخفيف الضغط على الوضع المالي الحالي إلى حدّ كبير. من هذه التطورات على سبيل المثال، إحلال السلام في سوريا، وما قد يتأتى عن ذلك من إنفاق على إعادة الإعمار، من شأنه أن يوفر دفعة قوية للحركة الاقتصادية في لبنان، ويحسن التوقعات بشأن المستقبل، ويخفف الضغط على الليرة ومصرف لبنان والمصارف. ولكن في حال عدم حصول ذلك، يبدو المستقبل ملبداً بالغيوم ويحمل مخاطر إضافية ومزيداً من الضغط على الوضع المالي، وذلك للأسباب الآتية:
* ارتفاع عجز الموازنة: إن عجز الموازنة العامة سيرتفع إذا استمرت الحكومة باعتماد النمط نفسه في الإنفاق. بلغ مجموع العجز عام 2014 نحو 3 مليارات دولار، و4 مليارات دولار عام 2015، و5 مليارات دولار عام 2016، ما يمثّل زيادة في نسبة العجز من نحو 6% إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي. أما مشروع موازنة عام 2017 الذي ينتظر تصديق البرلمان عليه، فيحمل في طيّاته عجزاً أكبر يزيد على 6 مليارات دولار، أو ما نسبته 11% من الناتج المحلي الإجمالي. وبعبارة أخرى، إن الحكومة والبرلمان غير مباليين تماماً بتدهور الحالة المالية.
* حاجة مصرف لبنان إلى النقد الأجنبي: يحتاج مصرف لبنان إلى المزيد من الأرصدة بالدولار الأميركي، أقلّه لخدمة ديونه الخاصة. وتشير تقديرات محافظة إلى أن ودائع المصارف لدى مصرف لبنان تصل إلى ما لا يقلّ عن 50 مليار دولار (انظر الجدول رقم 1 أمس)، يدفع عليها فائدة تصل بحدّها الأدنى إلى 5%. وبناءً عليه، بلغ مجموع ما يتكبده مصرف لبنان على الفائدة السنوية التي يقدمها للودائع بالدولار وحدها، ما لا يقلّ عن 2.5 مليار دولار، في وقت بدأت فيه تقارير إعلامية صدرت أخيراً تتحدث عن شروع مصرف لبنان في عملية «هندسة مالية» أخرى!
* صعوبة الاستمرار بالهندسات المالية: ستزداد كلفة وصعوبة الاستمرار بعمليات «الهندسة المالية» التي يقوم بها مصرف لبنان. في نهاية آب 2016، لم يتعدّ حجم احتياطي المصارف من الدولار لدى المصارف الأجنبية في الخارج 8.5 مليارات دولار. وفي وقت لاحق، عُززت هذه الاحتياطيات بسرعة حتى وصلت إلى 14 مليار دولار مع نهاية شهر أيار 2017، ما قد يشير إلى أن المصارف حوّلت الأرباح التي حصلت عليها بالليرة من مصرف لبنان خلال صيف عام 2016 إلى احتياطي بالدولار. وبعبارة أخرى، إن أي عملية «هندسة مالية» جديدة لرفع حجم الأرصدة بالدولار لدى مصرف لبنان ستكون تداعياتها أخطر من سابقتها، إذ من المرجح أن ينعكس الدخول للأموال بالدولار إلى البلاد باتجاه خروج سريع منها.

يبدو المستقبل ملبداً بالغيوم ويحمل مخاطر إضافية

* ارتفاع أسعار الفائدة العالمية: وهو احتمال مرجَّح من شأنه أن يزيد تكلفة خدمة الدين العام وديون مصرف لبنان، ما يزيد من الضغط على الوضع المالي.
إن عيش المرء بمستوى يفوق قدراته المالية يشكل لبّ معظم الأزمات المالية، ولبنان «الرسمي» بخاصة يعتمد منذ زمن بعيد نمط عيش يتخطى قدراته. المؤشرات على ذلك واضحة، ولا سيّما في ميزان المدفوعات، الذي لم يسجّل عجزاً لأكثر من عامين متتاليين في تاريخه، من الاستقلال عام 1943 حتى عام 2010. إلا أنه ولمدة خمس سنوات بين عامي 2011 و 2015، سجّل عجزاً سنوياً، والفائض الذي سجّله عام 2016 يعود إلى «الهندسة المالية» غير المستدامة التي قام بها مصرف لبنان، ليعود بعدها إلى تسجيل عجز جديد بلغ 1.1 مليار دولار في النصف الأول من عام 2017.
ومن أجل احتواء المخاطر المتزايدة للأزمة المالية، نقترح اتخاذ تدبيرين محددين، على أن يُنفذا في أقرب وقت نتيجة لاتفاق راسخ بين الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.
1- يعلن مجلس الوزراء صراحة نيته وضع سقف لعجز الموازنة يبلغ بحده الأقصى مثلاً 4 مليارات دولار لعام 2018، ويلتزمه، على أن يعقب ذلك خفض سنوي تدريجي لعجز الموازنة خلال السنوات الثلاث التالية. وينبغي تحقيق هذا الهدف بنحو مستقل عن طبيعة التدابير اللازمة لإنجازه، إذ عندما يكون خطر تعرض المنزل للإحراق داهماً، على المرء ألّا يعير أي اهتمام لإعادة ترتيب أثاثه.
إن مجرد إعلان هذا التدبير والبدء فوراً بتنفيذه، سيعزز ثقة الأسواق المحلية والأجنبية بوضع لبنان المالي. لا شكّ أنه لن يحلّ المشاكل المالية الخطرة التي تعاني منها البلاد وتتطلب معالجتها سياسات إصلاحية فعّالة تمتد على سنوات عدة، لكنه سيخفض إلى حدّ كبير من خطر اندلاع أزمة، ويوفر مساحة زمنية كافية لإجراء الإصلاحات اللازمة.
2- إخضاع سياسات مصرف لبنان للتحقيق والمساءلة، إضافة إلى ضرورة رصدها عن كثب. إن تفعيل الحكومة والبرلمان للإجراءات التنظيمية العادية من شأنه وحده أن يحدّ ممارسات مصرف لبنان التي لا تخضع للمساءلة. وقبل كل شيء، ينبغي مراجعة سياسة أسعار الفائدة السخية لخفض تكلفتها العالية، وأن تعود المصارف تدريجاً إلى أداء دورها الطبيعي والانخراط مجدداً في الدورة الاقتصادية.
في حال التقاعس عن الأخذ بهذين التدبيرين، ستكون التكلفة المالية والاقتصادية عالية جداً على معظم الناس ولأمد طويل، يضاف إليها عواقب سياسية غير محدودة.