خيّمت الحرب الإسرائيلية على غزة على احتفال الأوسكار الذي أقيم أمس الأحد في هوليوود الولايات المتحدة. حين أُعلن عن فوز الفيلم البريطاني The Zone of Interest الذي يحكي قصة عائلة ضابط ألماني تعيش بجوار معسكر الإبادة ضد اليهود «أوشفيتز» خلال الحرب العالمية الثانية، بجائزة أوسكار أفضل فيلم روائي دولي، اعتلى مخرج الفيلم، جوناثان غليزر، الخشبة وألقى خطاباً قائلاً: «نحن نقف هنا الآن لنعرب عن رفضنا لاختطاف الهوية اليهودية والمحرقة من قبل الاحتلال الذي أدى إلى الصراع الذي أثر على العديد من الأبرياء، سواء ضحايا 7 أكتوبر في «إسرائيل» أو الهجوم المستمر في غزة». وانتهى بإهداء الفيلم لذكرى امرأة بولندية مسنّة التقى بها تُدعى الإسكندرية، كانت تعمل في المقاومة البولندية عندما كان عمرها 12 عاماً فقط. واللافت أن خطاب غليزر لقي تصفيقاً عالياً وإيماءات موافقة من الحضور الذي بغالبيته هو من مجتمع هوليوود. ووضع عدد من النجوم، بينهم بيلي ايليش ورامي يوسف والممثل الفرنسي سوان أرلو، دبوساً على ملابسهم يدعو إلى وقف إطلاق النار، بينما خرجت تظاهرات صغيرة عدة لناشطين في شوارع لوس أنجليس لتوجيه الدعوة عينها. ويُعد ما حصل من أبرز تجليات خسارة كيان الاحتلال الجبهة الإعلامية بعد حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من نصف عام على شعب غزة.وكان «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان انتزع ستّ جوائز أوسكار أبرزها أفضل فيلم. فشريط نولان عن مخترع القنبلة الذرية الذي ضم نخبة من الممثلين، وقوبل بإطراء واسع من النقاد، هيمن على الاحتفال، وخرج ظافراً في سبع من الفئات الثلاث عشرة التي كان مرشحاً فيها. وشكر نولان جميع الممثلين خلال تسلّمه جائزة أفضل مخرج، مشدداً على أن الفيلم جمع «فريقاً مذهلاً».
وفاز كيليان مورفي بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن تأديته شخصية العبقري النووي روبرت أوبنهايمر، المليء بالتناقضات والشكوك التي كانت تتنازعه.
وقال الممثل الإيرلندي «نحن نعيش في عالم أوبنهايمر والقنبلة الذرية، بحسناته وسيئاته». وأضاف: «أودّ بالتالي أن أهدي هذه الجائزة لصانعي السلام في كل أنحاء العالم».
وكانت جائزة أفضل ممثل بدور ثانوي من نصيب روبرت داوني جونيور الذي أدى في الفيلم دور خصم أوبنهايمر، وهو رجل بيروقراطي ماكر يدبّر الإذلال العلني للعالِم.
واكتملت غلّة «أوبنهايمر» بمجموعة جوائز فنية في فئات التوليف والتصوير والموسيقى التصويرية، ما توج مسيرة الإنجازات التي حققتها هذه التحفة السينمائية الشعبية منذ بدء عروضها خلال الصيف الفائت.
ولم يتمكن الفيلم الفرنسي Anatomie d'une chute من أن يعكّر على «أوبنهايمر» صفو فوزه الكاسح. فهذا الفيلم القضائي المشوّق عن انهيار الحياة الزوجية لفنانَين والذي تؤدي فيه ساندرا هولر" دور كاتبة غامضة تُحاكَم بتهمة قتل زوجها، اكتفى بجائزة واحدة فحسب من الخمس التي كان مرشحاً لها، هي تلك المخصصة لأفضل سيناريو أصلي. وبتأثر شديد، قالت مخرجته جوستين ترييه التي تنافست على جائزة الإخراج مع نولان ومارتن سكورسيزي «سيساعدني ذلك على تجاوز أزمة سنّ الأربعين».
وكانت إيما ستون الرابحة الكبرى الأخرى في الأمسية. فبعد «لا لا لاند» عام 2017، فازت الممثلة بثاني جائزة أوسكار أفضل ممثلة في مسيرتها عن دورها في Poor Things . هذا الفيلم الذي يحمل توقيع المخرج يورغوس لانثيموس ويقدّم ما يشبه نسخة أنثوية من شخصية «فرانكنشتاين»، فاز بأربع جوائز أوسكار. وتؤدي ستون في الفيلم دور بيلا باكستر، وهي امرأة منتحرة أعاد إحياءها عالِم مجنون زرع لديها دماغ الطفل الذي كانت تحمله بداخلها.
وقدّمت ستون في هذا الدور أداءً لافتاً لشخصيتها كامرأة تعيد اكتشاف الجنس وملذات الحياة الأخرى، من دون أي خجل أو أحكام مسبقة.
وكان هذا الدور «هدية العمر» بحسب الممثلة التي شكرت مخرج الفيلم، معربة عن إعجابها بجميع الممثلات اللواتي تغلبت عليهن في حفلة الأوسكار.
كما يمكن لساندرا هولر التي رُشحت عن دورها في فيلم Anatomie d'une chute أن تواسي نفسها بالنجاح الذي حققه فيلم آخر أدت دور البطولة فيه: فقد فاز The Zone of Interest بجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي عن سرده للحياة الهانئة التي عاشتها عائلة نازية بجوار معسكر أوشفيتز. ومن بين الجوائز الكبرى الأخرى، فازت دافاين جوي راندولف (ذي هولدوفرز) بجائزة أفضل ممثلة في دور ثانوي، فيما فاز فيلم «ذي بوي أند ذي هيرون» للمخرج الياباني هاياو ميازاكي، بجائزة أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة.