يعود كاتبا السيناريوات التلفزيونية جورج بيليكانوس وديفيد سايمون بعد عشرين عاماً من مسلسلهما «ذا واير» إلى أجواء مدينة بالتيمور الأميركية المعروفة بعنفها، ويغوصان مجدداً في قضايا الفساد المتعلقة بشرطتها من خلال مسلسل صغير يستند على قصة حقيقية.يستند مسلسل We Own This City (إنتاج HBO) الذي يبصر النور عبر منصة البثّ التدفّقي الأميركية HBO Max في 25 نيسان (أبريل) المقبل، إلى كتاب الصحافي الاستقصائي الأميركي جاستن فينتون ذي العنوان نفسه، وعُرض أخيراً ضمن مهرجان Series Mania للمسلسلات في مدينة ليل الفرنسية.
خلافاً لـ The Wire الذي نال استحسان النقاد ودام خمسة مواسم من 2002 إلى 2008، سيقتصر العمل الدرامي الجديد على ست حلقات، لا تتجاوز مدّة كلّ منها الساعة.
يتناول المسلسل قضية فساد ضخمة داخل شرطة بالتيمور برزت في أعقاب أعمال الشغب التي أندلعت على إثر وفاة الشاب الأميركي الإفريقي فريدي غراي عام 2015 اثناء نقله مكبل اليدين والرجلين الى شاحنة للشرطة بعد توقيفه.
وروى جاستن فينتون في حديث لوكالة «فرانس برس» أنّ ديفيد سيمون الذي عمل مثله في صحيفة «بالتيمور صن» ولكن في مرحلتين مختلفتين، هو من اتصل به أثناء المحاكمة وقال له «يجدر بك أن تؤلف كتاباً، وإذا فعلت سنقتبس منه مسلسلاً».
ويشرح فينتون الذي كان محرر قضايا الجرائم في جريدته لمدة ثماني سنوات، أنّ «الصيغة الروائية اعتمدت في بعض جوانب القصة، لكنّ بعض المشاهد التي حضرتُ تصويرها كانت مطابقة حرفياً للوقائع الحقيقية. كان الأمر مذهلاً».
اندلعت الفضيحة عام 2016 عندما تبيّن أنّ عدداً قليلاً من الضباط من وحدة مرموقة، يعملون معظم الوقت بملابس مدنية، مارسوا مدى سنوات عمليات ابتزاز وانتهاكات من دون حسيب ولا رقيب. كان هؤلاء يلجأون إلى الابتزاز في مقابل الأموال والمخدرات التي يضبطونها لدى الموقوفين، فيحتفظون ببعضها لأنفسهم أو يعيدون بيعها. في بعض الأحيان، كانوا يزرعون أدلة كاذبة، ومنها أسلحة، لالصاق التهمة باشخاص معظمهم من الأحياء الفقيرة التي يشكّل السود غالبية سكانها، مما يتيح لهم إظهار نتائج أفضل لعملهم أمام رؤسائهم.
لم تكن هذه القضية مسألة عنصرية عادية، فخمسة من ضباط الشرطة الثمانية المتورطين كانوا من السود، والثلاثة الآخرون من البيض، مع أنّ المتهم الرئيسي واين جينكينز الذي كان يتمتّع قبل ذلك بسمعة ممتازة بسبب فاعليته، كان أبيض البشرة. وأوضح فينتون أنّ أفعال الضباط استمرت لسنوات لأن معظم الضحايا كانوا يحجمون عن تقديم شكاوى. ولاحظ أن من غير السهل على التاجر أن يقول إنه في الواقع كان يملك كمية مخدرات أكبر من تلك المضبوطة. ولكن في الوقت نفسه كان لدى الشرطة ميل إلى عدم تصديق القلائل الذين تجرأوا على الإبلاغ عن أفعال هؤلاء الشرطيين.
وقرر الممثل الأميركي جايمي هيكتور ألا يقابل عائلة ضابط الشرطة الذي يجسّد دوره والذي اختفى قبل يوم واحد من استدعائه كشاهد في هذه القضية. وأوضح خلال مؤتمر صحافي في ليل «إنه وضع دقيق جداً. لا نعرف ما إذا كان انتحر أو قتل». لذلك جمع أكبر قدر من المواد عنه، مثل تسجيلات صوته، لكي يتمكن من تجسيد شخصيته بأمانة وتقديم أداء صادق.
شاء هذا الممثل الذي أدى دور زعيم عصابة مخدرات كبير في The Wire العودة إلى بالتيمور لتصوير We Own This City.
ورد فينتون بالإيجاب على سؤال عما إذا كانت مثل هذه الفضيحة يمكن أن تحدث مرة أخرى في بالتيمور، موضحاً أنّه «بات الضباط الآن يضعون كاميرات لم يكونوا مزودين إياها عندما حصلت (الفضيحة) ... لكن أشخاصاً كهؤلاء سيجدون دائماً طريقة».