في العام 2019، نفى حمزة نمرة في مؤتمر صحافي، رداً على سؤال، كونه ملاحقاً من النظام الحالي في مصر، مؤكداً أنّ وجوده في لندن هو لأسباب فنيّة تتعلق بمشروعه «ريميكس» المستمر منذ العام 2015 مع «التلفزيون العربي»، القائم على تسجيل أغنيات تراثيّة من بلدان مختلفة مع توزيع موسيقي حديث، بحيث يتطلب منه تصويرها في الشارع بحضور الجمهور في لندن وعواصم أوروبيّة أخرى السفر المتكرّر. واعتبر نمرة في حينه أنه «ما بيعملش حاجة غلط» كي يخاف من الاعتقال، وأنّه عبر عن رأيه في العام 2011 مثل أيّ مواطن مصري بما يكفله الدستور، خاتماً بأنّه حالياً «مركّز في الفن وما ليش في السياسة». لكن المغني وعازف الغيتار المصري المولود في السعوديّة عام 1980، والمهتمّ بالثقافة العربيّة الأصيلة، واشتهر في بداياته بأداء الأغاني الاجتماعيّة الملتزمة بالتعاون مع شركة «أواكيننغ ريكوردز» قبل أن يتفرّغ لـ «ريميكس»، لم يقنع كثيراً مؤيدي النظام الحالي في بلاده، الذين ينظرون بريبة لكلّ المواهب المهاجرة التي وجدت في الحضن القطري ملاذاً لها، خصوصاً أنّ معظم أغنياته حملت مضامين اجتماعيّة ــ سياسيّة وحفلت بإشارات لاذعة غير مباشرة وغير خافية في آن واحد، خصوصاً بعد قرار منع بث أغنياته عبر الإذاعة المصريّة عام 2014 الذي برّره رئيسها عبد الرحمن رشاد بقوله (طبعاً بعد العبارة الشهيرة «لم أسمع به من قبل») أنّ من يعارض النظام الحاكم يعارض بالتبعيّة الإعلام الرسمي وجموع الشعب المصري لأنّ هذا النظام هو الذي يحارب الإرهاب نيابة عن كلّ المصريين، معتبراً أنَّ نمرة «يعادي النظام ويقف في خندق المعارضة التي تضرّ بمصالح الوطن ويقدّم أعمالاً فنيّة تترحّم على ثورة 25 يناير 2011 التي يرى أنّها انتهت في 30 حزيران/ يونيو 2013 اثر انقلاب عسكري وليس ثورة».
ومع عرض مسلسل «الاختيار» (كتابة باهر دويدار، إخراج بيتر ميمي، إنتاج سينرجي ــ تامر مرسي) في شهر رمضان الفائت، الذي تعرّض لتضحيات الجيش المصري في مواجهة العصابات التكفيرية في شمال سيناء والصحراء الغربيّة من خلال سيرة العقيد الشهيد أحمد صابر المنسي (أمير كرارة)، وأعاد تأكيد التفاف المصريين حول جيشهم في هذه المرحلة، سارع عدد من الفنانين إلى توجيه رسائل إيجابيّة باتجاه الجيش للقول إنّ مواقفهم السياسيّة المضمرة أو المعلنة تجاه النظام في بلادهم لا تعني معاداتهم لجيشها وشعبها. ومن هؤلاء نمرة الذي اعتبر في منشور له أنّ «ما يقوم به أبطال الجيش المصري في الحفاظ على كلّ شبر من الأراضي المصريّة هو دور وطني وتاريخي حقيقي» وأنّ «بوصلتنا يجب أن تكون واضحة ومتوجهة تجاه مصلحة الأمّة المصريّة»، مترحّماً على المنسي ورجاله وكلّ الشهداء الأبرار.
موقف نمرة قوبل بالسخرية والاستهجان من مؤيّدي النظام، الذين تندّروا على إدخال الأخير ثلاثة تعديلات متتالية على المنشور، لم يتمكن من إخفائها بسبب خاصيّة إظهار سجلات التعديلات، لتتحوّل عبارة «قوى وجماعات انفصاليّة» إلى «قوى وجماعات انفصاليّة وتكفيريّة» ثم إلى «قوى وجماعات إرهابيّة تكفيريّة»!
وبعد ساعات، ردَّ نمرة في منشور آخر أكد فيه أنّ ما كتبه شيء بديهي يفترض أن يتفق عليه كلّ المصريين ولا علاقة له بسياسة أو نظام حكم أو مؤيّد ومعارض، وأنَّ احداً لا يرغب في الاستيقاظ على «علم أسود في أوّل الشارع» وأنّ من الواجب دعم كلّ من يحارب هذا الجنون كما يفعل الجيش المصري الذي يقف في وجهه بقوّة، مستغرباً التحليلات والتأويلات والمصطلحات من نوع «تقيّة» و«سقوط مدوٍّ» والأسئلة عن المقاصد.
فهل تؤذن مواقف حمزة نمرة بفتح صفحة جديدة للفنان الملتزم مع سلطات بلاده، ويكون «حضن الوطن مفتوح» له، كما يقول في أغنيته «ابن الوطن» (كلمات أحمد يسري وألحان حمزة نمرة/ 2011)؟ أم أنّه مجرد موقف عاطفي أشعله مسلسل حرَّك مشاعر المصريين والعرب، ولا سياق له يبرّر كلّ هذا التأويل والتحليل؟