منذ فوزه بلقب «محبوب العرب» (mbc) في حزيران (يونيو) 2013، تغيّرت حياة المغني محمد عسّاف بشكل جذري. لم يعد ذلك الشاب الأسمر المسحوق الذي أسر الجمهور برحلته المحفوفة بالمخاطر من غزّة إلى مسرح برنامج المواهب، ومن ثم قطفه اللقب! بل صار نجم الحفلات التي تباع بطاقتها منذ الإعلان الأوّل عنها، وصاحب الحضور الأوسع في المهرجانات العربية، والمغني العربي الوحيد الذي شارك في فعاليات مونديال كرة القدم سنة 2014 ! الغريب بأن الرجل الذي تعلّقت به قلوب الجماهير من أبناء شعبه واعتبرت لقبه في برنامج مواهب فني انتصاراً تاريخياً في زمن الهزائم والانكسارات، وعلّقت صوره في بيوت الفلسطينيين، وتزاحموا حول متابعة أخباره... غيّر هو البوصلة وأزاحها من ناحية درب الدراويش والكادحين صوب حيتان المال ورجالات البرجوازية المشكوك في أمرهم. ثم صار سفيراً للسلطة الفلسطينية التي نصّبته على ذمة رئيسها محمود عبّاس «سفير فلسطين للشباب» والتصق بالسلطة وحدها بعيداً عن معاناة غزّة وشعبها، رغم أن القضية الفلسطينية كانت جواز سفره الأقوى للعبور نحو عالم النجومية!على أيّ حال، كان عسّاف سبباً رئيسياً لابتعاد جمهوره عن السياسة، وسرعان ما غرق في وحلها بسبب مصالح ربما يحق له حرية البحث عنها، لكن لا يجوز له التنكّر للجمهور الذي رفع اسمه عالياً ورقص على أغانيه الفلسطينية. ومع ذلك ما زال عسّاف حاضراً بقوة على الساحة العربية، لا يفرغ من حفلة حتى يحضر في مهرجان. يتتبعه جمهور عريض يقارب حضوره مع «العندليب» عبد الحليم حافظ. آخر ما حرره عسّاف كان إحياءه حفلاً ضخماً في قاعة المؤتمرات في اسطنبول في مناسبة رأس السنة، ثم كان يتحضّر لحفل في الإمارات العربية، لكّن إدارة مسرح المجاز في إمارة الشارقة أعلنت قبل قليل عن تأجيل الحفل إلى 24 كانون الثاني (يناير) الجاري بسبب الأحوال الجوية. وأكد البيان الذي صدر عن إدارة المهرجان بأن القرار جاء بهدف الحفاظ على سلامة الجمهور وأمنه رغم أن جميع بطاقات الحفل قد بيعت بالكامل!