فداء عيتانييعجز زياد الرحباني عن تعريف مصدر تعبير يستخدمه دائماً، ألا وهو «على زغل»، ولكنه يوضح في إحدى المقابلات أن التعبير يعني تقريباً أنّ الشيء لا يستقيم بالكامل، ويقول إن المشكلات التي تُحل في لبنان تُحلّ «على زغل»، أي إنها تُحل في الشكل، وتبقى الأمور في العمق على ما هي عليه. في جلسة خاصة، وبعد ما حدث في السابع من أيار، يجيب نائب بيروت عن حزب الله أمين شري أن المصالحات التي يجب أن تجري هي بين القادة السياسيّين (اقرأ الطائفيّين)، وأن المصالحات واللقاءات مع أبناء الأحياء والمناطق إنما هي تعب بنتائج متواضعة ومحدودة جداً. ورغم ذلك يقوم قيادي في حركة أمل في بيروت بجهد استثنائي لعقد لقاءات في الأحياء مع أهالي بيروت، وحيث أمكنه ذلك لتكريس جو من المصالحة.
المصالحات التي تعصف حالياً بالبلاد ليست أكثر من اتفاقات فوقية بين أطراف الحرب الأهلية الباردة التي نعيشها، والتي قد تتحوّل إلى نزاعات عسكرية وفق المشيئة الخارجية أو تراكم الظروف الداخلية، كما أن بعض القادة الطائفيّين ينتظرون المدد والعون من إسرائيل، وهم إن كانوا يخفون اليوم هذا الأمر، فلخشيتهم من الوصول إلى الانتخابات النيابية قبل وصول المدد الخارجي، وبالتالي مواجهة الصناديق وجماهير الطوائف الأخرى دون ورقة توت تستر عُريهم.
إذاً لا مناص من مصالحات فوقية بين زعماء الطوائف، ليعيدوا صياغة تقاسم المواقع في التركيبة اللبنانية المذهبية بامتياز، وكون هذه المصالحات فوقية فإنّها تترك الشارع ملتهباً بوجه بعضه بعضاً، إلا أنها تفيد في منع الاحتكاك الذي لم يحصل أصلاً إلّا بفعل التعبئة الفوقية، لا بفعل مشكلات ديموغرافية أو ثقافية بين السكان.
ورغم أن الحرب الأهلية الباردة مستمرّة في منع السكان من الاختلاط، وتقوم بفرز المناطق تبعاً للانتماء المذهبي، وتجعل السنّة يتردّدون في سلوك طريق المطار، والشيعة يمتنعون عن السير في كورنيش المزرعة، ومسيحيين يقاطعون المحالّ التجارية لمسيحيّين آخرين، فإنّ مصالحات على زغل تجري من فوق. أما في الشارع، فالله هو الستّار العليم.