بدا الشارع اللبناني خلال الحرب الإسرائيلية على غزة الأقل تحركاً للتضامن مع القطاع. لكنّ الشباب مثّلوا رافعة وركناً أساسياً لسائر النشاطات التضامنية من تظاهرات واعتصامات وندوات وحفلات فنية، إذ تحركت المنظمات الطلابية والشبابية أكثر من الأحزاب التي تدور في فلكها
ديما شريف
انتهت الحرب على غزة لكنّ التحركات لم ولن تنتهي. هذا ما يمكن استنتاجه من الحديث مع مسؤولي المنظمات الشبابية التي، على اختلاف مشاربها السياسية، تؤكد أنّ العمل مستمر ولن يتوقف مع توقف العمليات العسكرية. لكن هل قامت هذه المنظمات فعلاً بدورها على أكمل وجه؟ وهل تطابق خطابها مع التحركات؟
التحركات الأبرز كانت تلك التي قامت بها المنظمات الشبابية اليسارية اللبنانية والفلسطينية، إذ أعادت الأحداث في غزة الزخم إلى نشاطاتها، واستطاع اليسار أن يعيد رصّ الصفوف. فالأمين العام لاتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، حسين مروة، يؤكد أنّ التحركات التي ساهم فيها الاتحاد ونفذتها المنظمات الشبابية اليسارية حققت هدفها على مستوى تحريك الشارع والمشاركة في حركته وعلى المستوى السياسي. ويرى مروة أنّ هذه التحركات كانت ممتازة مقارنة بقدرات هذه المنظمات. يوافق مسؤول قطاع الشباب في حركة الشعب، أحمد قمح، على هذه النقطة، ويضيف أنّه «مهما قمنا سنبقى مقصرين تجاه القضية الفلسطينية». ويشكو قمح من الشارع اللبناني المتعاطف مع القضية لكن غير المستعد للمشاركة. ويقول إنّ المنظمات الشبابية اليسارية لن تنتظر حتى تضرب إسرائيل الضفة مثلاً لتقوم بتحركها المقبل، بل ستنظم نشاطات مستقبلية باستمرار. وفي الإطار نفسه، يوضح مروة أنّ التحركات ستستمر بما ينسجم مع طبيعة المشهد السياسي المقبل. ويصف مروة الاعتصام الذي نظمته المنظمات الشبابية اليسارية في الإسكوا بأنّه كان شكلاً من التحركات وليس أداة، واستوجبه مشهد سياسي معيّن، وتغيُّر هذا المشهد أدى إلى فكّ الاعتصام. ويرى مروة أنّ المنظمات الشبابية المعارضة كانت مقصرة بشكل غير مبرر، فتحركاتها كانت خجولة.
توصيف يرفضه مسؤول الشباب في التعبئة التربوية في حزب الله، يوسف البسام، الذي يلفت إلى أنّ التحركات بدأت منذ نيسان 2008واستمرت طوال العام الماضي وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة. كما نظمت المعارضة عدداً من الندوات في الجامعات إلى جانب التظاهرات إلى عوكر والمفوضية الأوروبية والاعتصامات المتنقلة. ويضيف البسام أنّ المنظمات الشبابية في المعارضة أقامت نشاطات عدة في المناطق المختلفة، لكنّ الإعلام لم يسلط الضوء عليها.
لكنّ اللافت في تحركات المنظمات الشبابية المعارضة أنّها بدأت في وقت متأخر أثناء الحرب إذا ما قورنت بالتحرك اليتيم للمنظمات الشبابية في 14 آذار التي أضاءت الشموع واعتصمت في الأيام الأولى للعدوان مقابل مبنى الإسكوا. كما عمدت إلى فتح حساب مصرفي لجمع التبرعات لسكان القطاع. ورغم قدرتها على الحشد في مناسبات أخرى، كان بارزاً العدد القليل نسبياً من المشاركين في تحركات المنظمات الشبابية المعارضة. وربما يعود السبب في ذلك إلى عدم مشاركة كل أطياف المعارضة في التحركات. إذ امتنع التيار الوطني الحر عن المشاركة «الرسمية» في نشاطات المنظمات الشبابية. «كانت فترة امتحانات في الجامعة وبالتالي كانت قدرتنا على التحرك محدودة»، يقول مسؤول الإعلام في لجنة الشباب والشؤون الطلابية في التيار مارك ساسين. ويضيف ساسين أنّ موقف التيار من الحرب في غزة كان واضحاً منذ البداية ولا لبس فيه، و«أنّ الجنرال عون ترك الحرية للأفراد بالتحرك». لكنّ هامش التحرك الجسدي كان ضيقاً، إذ إنّ الجامعات دخلت خلال تلك الفترة عطلة الأعياد، ما أدى إلى عرقلة أيّ تحرك مهما كان نوعه، إذ إنّه «وقت بدنا نتحرك ما في شي بيضبطنا»، يقول ساسين.


محطة الإسكوا

بدأ الاعتصام اليساري في ساحة الإسكوا في العاشرة من صباح السابع والعشرين من كانون الأول الماضي وانتهى في الخامسة والنصف من مساء التاسع عشر من كانون الثاني الجاري. وخلال هذه المدة لم يهدأ نشاط مناضلي المنظمات المشاركة وهي: اتحاد الشباب الديموقراطي، قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي، التجمع اليساري من أجل التغيير، حركة الشعب، والجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين. ومثّل الاعتصام مركزاً ثابتاً للانطلاق اليومي في تظاهرات تنوّّعت وجهتها من السفارة المصرية إلى الأميركية، إلى مركز جامعة الدول العربية والمفوضية الأوروبية للاحتجاج على التواطؤ العربي والدولي مع العدوان. كما شهد الاعتصام نشاطات يومية من قراءات شعرية، مسرحية، وإضاءة شموع.