رنا حايك
لا يزال بعض المزارعين اللبنانيين يتبعون الطرق التقليدية في تربية الدواجن، يطلقون الطيور في مزارع خضراء، يربّونها «عالطبيعة»، فتوصف أي من منتجاتها بـ«البلدية». في المقابل، قفزت نسبة اعتماد التقنيات الحديثة عالمياً، حيث أصبحت 74% من لحوم الدواجن، و68% من البيض، المتداولين في الأسواق العالمية، تنتج وفقاً لها.
إلا أن البعض يعارض اعتمادها لما تسبّبه من ضرر للبيئة وما تخلقه من أخطار صحية، ومن تعسّف يمارس بحق الدواجن، بينما يدافع البعض الآخر عنها لاحتوائها على نظم ذات فاعلية عالية في مجال الحفاظ على الموارد الغذائية والطبيعية ولتوفيرها إنتاجية عالية، مؤكدين أنها تضمن تربية الدواجن في مبان تخصع لأقصى درجات التحكم بيئياً.
لعب لبنان دوراً جوهرياً في تطوير إنتاج الدواجن في الشرق الأوسط العربي، حيث طوّر المزارعون اللبنانيون في أواسط القرن الماضي، تقنيات العلف واللقاحات والسيطرة على الأمراض.
وتؤمّن الدواجن المنتجة صناعياً نسبة كبيرة من البروتين الجيد الذي تحتوي عليه اللحوم والبيض، التي أسهمت إيجابياً في تحسين غذاء مواطني الشرق الأوسط. إلا أن تصنيع الإنتاج هذا غالباً ما اعتُمد من دون فرض أية رقابة تضبط إيقاعه وتنظّمه، ما أدى إلى حصول مشاكل بيئية تسبب بها كميات الفضلات الكبيرة التي نتجت عن أنظمة الإنتاج الكثيف الملازمة لإنتاج الدواجن الصناعي.
ففي لبنان، يجري عادة التخلص من هذه الفضلات برميها عشوائياً في الطبيعة، ما يتسبب بأخطار بيئية وصحية.
بالإضافة إلى ذلك، تثير الظروف التي تودع فيها الطيور في الأقفاص بعض الاعتبارات الأخلاقية التي دفعت بدول عديدة مثل السويد وسويسرا إلى منع اعتماد الأقفاص في تربية الدواجن. وذلك لأن بعض أنواع الطيور التي تودع في أقفاص من هذا النوع تتقاتل في ما بينها وينهش بعضها لحوم بعض، بينما يفقد بعضها الآخر، ذلك الذي يُغذّى بكثافة ليسمن ويباع لحمه، قدرته على الحركة، ما يؤدي إلى إصابته بالتشوهات والإعاقات. من ناحية أخرى، تعزز أعداد الطيور الكثيفة المحبوسة في أقفاص انتشار الأمراض، واستخدام المضادات الحيوية، بالتالي، لمحاربتها.
إن قطاع تربية الدواجن وإنتاجها يمثّل جزءاً مهماً من القطاع الزراعي في لبنان. ولكن، مثل قطاعات أخرى كثيرة، تتحكم بسوقه ثلة صغيرة من كبار المنتجين، بينما يتوصل المنتجين الصغار بالكاد إلى تأمين رزقهم منه. وفيما تسوّق فكرة نجاح قطاع الدواجن في لبنان لناحية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتجاوزه إلى الطاقة التصديرية، تقتضي الإشارة إلى أن معنى الاكتفاء الذاتي في هذا المجال مضلّلة، لأن قطاع تربية الدواجن بأكمله يعتمد على العلف المستورد.