حسام كنفانيكان السفير الفلسطيني في القاهرة، نبيل عمرو، صريحاً جداً حين ربط الحوار الجاري في القاهرة بين حركتي «فتح» و«حماس» بمؤتمر إعادة إعمار قطاع غزّة المقرّر في شرم الشيخ في الثالث من الشهر المقبل، على اعتبار أنه «استحقاق».
نبيل عمرو، وهو القيادي في الجناح المتشدّد في «فتح» الرافض للحوار مع «حماس»، بات حريصاً على المصالحة لاعتبارات خاصة أبعد ما تكون عن وحدة الصف الفلسطيني ومواجهة الحكم اليميني الإسرائيلي المقبل. قد يكون رأيه أن السلطة استطاعت العيش من دون قطاع غزّة و«حماس»، وتعايشت مع اليمين في إسرائيل خلال فترة حكومتي بنيامين نتنياهو وأرييل شارون.
بالنسبة لعمرو وكثيرين غيره في حركة «فتح»، فإن هناك «مغارة» إعمار جديدة لا بد من النهل منها، على غرار «المغاور» المتعدّدة التي فتحت للسلطة الفلسطينية، وقبلها منظّمة التحرير، منذ قيامها حتى اليوم، من أموال المانحين، إلى المساعدات الاقتصادية، وحتى أموال الضرائب التي كانت تحوّلها سلطات الاحتلال.
وفي ظل ربط الدول الغربية، أو معظمها، تقديم المنح بتأليف حكومة وحدة أو وفاق فلسطينية، أصبحت المصالحة بالنسبة لهذا الجناح في حركة «فتح» حاجة ملحّة يُسعى إليها، رغم إدراك الجميع أن الأرضية لا تزال غير متينة لتحقيق مصالحة دائمة.
«حماس» أيضاً لها مصلحتها الخاصة في إمرار مؤتمر إعادة الإعمار بسلام. مصلحة مختلفة تماماً عن غايات قياديّي «فتح»، فالحركة الإسلاميّة ترى في المؤتمر فرصة لتحقيق هدفين رئيسيّين؛ الأوّل، استغلال الإعمار لفتح قنوات اتصال مع الغرب، على اعتبار «أن لا شيء يتم في قطاع غزّة من دون التنسيق مع حماس»، على حد تعبير القيادي في الحركة، محمود الزهار. والثاني أن الحركة في حاجة ماسّة لاحتواء المأساة الإنسانيّة في القطاع بعد العدوان الإسرائيلي، والتعويض بالحد الأدنى عن الخسائر المادية التي لحقت بالمدنيين، وهي مهمة لا تكفيها الأموال المهربة التي تصل إلى القطاع عبر الأنفاق أو حقائب الوفود.
للطرفين مصلحة في تقطيع المشهد الحواري على خير، حتى وإن كانت القضايا الجوهرية لا تزال محل خلاف عميق. «مصالحة إعمار» تلوح في القاهرة، لكن شبح «اتفاق مكّة» يهدّدها.