جوانّا عازارما هو مفهوم الدولة المدنيّة؟ هل هناك ضرورة وواجب لقيامها؟ وهل المجتمع اللبناني مهيّأ ثقافياً وسياسياً واجتماعياً لتقبّل فكرة قيام الدولة المدنية؟ إشكاليّات ثلاث يطرحها المؤتمر الذي تنظّمه لجنة الدراسات في التيّار الوطنيّ الحرّ اليوم وغداً في فندق أكواريوم في جونيه.
المؤتمر الذي يحمل عنوان «الدولة المدنيّة وإشكاليّاتها في لبنان» هو المؤتمر الدراسي الثاني بعد مؤتمر «المواطنيّة في لبنان: بحثاً عن معوّقاتها وشروط تحقّقها»، ويبحث في مفهوم الدولة المدنيّة الذي يتنازعه طرفان، الأوّل يرى أنّ الدولة المدنية شكل من أشكال الدول العلمانية الشبيهة بتلك التي نشأت في الغرب، مع علمنة شاملة للمجتمع تشمل جميع ميادين الحياة العامة، والفصل التام بين الدين والدولة، فيما يرى الطرف الآخر أنّ الدولة المدنية شكل من أشكال الدولة الديموقراطية التي تتعايش في ظلها سائر الفئات الدينيّة والاثنية على قاعدة المساواة بين المواطنين والمشاركة المتوازنة في السلطة، وحيادية الدولة إزاء الأديان.
ما هو موقف التيّار الوطنيّ الحرّ في هذا المجال؟ تشير عضو لجنة الدراسات في التيّار ليلى الرحباني إلى أنّ بناء الدولة المدنية قادر على تحقيق المواطنية التامة في لبنان، وتطبيق ما جاء في ميثاق التيّار بأنّ الإنسان قيمة بحد ذاته بغض النظر عن دينه أو طائفته أو عرقه أو جنسه، وبالتالي هو قادر على السير نحو بناء دولة الحق في لبنان، حيث يكون القانون هو الحكم بين المواطنين الذين يتساوون في الحقوق والواجبات، وحيت يستمدّ الفرد حقوقه من كونه مواطناً في الدولة لا بسبب انتمائه المذهبي أو الطائفي. وعن موقع الدين في هذه الدولة تقول الرحباني إنّ الدولة المدنية تحترم الأديان. فمواطنوها يمكن أن يكونوا من أشد المتدينين أو لا، فهذا قرار فردي. والدولة المدنية هي تلك التي لا تستخدم الدين أداةً للحكم، ولا يكون الحاكم أو السلطة فيها هو الحاكم بأمر الله أي خارج إطار المساءلة والمحاسبة.
ولأنّ مفهوم الدولة المدنيّة مطروح للنقاش على مستوى لبنان ككلّ، يتوّجه المؤتمر إلى اللبنانييّن، وبعد الكلمة الافتتاحية للعماد ميشال عون يعالج المؤتمر في يومه الأول «الدولة المدنيّة: في المضمون ونقد المصطلح» مع وزير الداخليّة زياد بارود، ثمّ يعرض كلّ من حزب الله (غالب أبو زينب) والتيّار الوطنيّ الحرّ (الدكتور أدونيس العكره) رؤيته للدولة المدنيّة في لبنان.
وفي اليوم الثاني يتطرّق المؤتمر إلى المجتمع المدنيّ مع حسن حماده، والدولة المدنيّة وإشكاليّة النظام السياسيّ في لبنان مع الوزير السابق ألبير منصور، ثمّ يعالج القانون المدنيّ الاختياري للأحوال الشخصيّة مع الدكتورة أميرة أبو مراد، ويسأل الدكتور يوسف كفروني: «هل من الضروريّ أن تكون الدولة المدنيّة ذات نظام علمانيّ؟»، ويقدّم الدكتور خالد حدادة رؤية نقدية للديموقراطيّة التوافقيّة، على أن يطرح النائب بهيج طبّاره اقتراحات لمشروع إجرائي وقابل للتنفيذ لإلغاء الطائفيّة السياسيّة في لبنان.