توسعة محمية البترون تعيد الفقمة إلى لبنان • الروتين حجة غير مقنعة لمنع دخول السفينة
• لدينا 2600 داعم في لبنان ومنهم فقراء

بسام القنطار

ما مدى الاهتمام الذي توليه منظمة غرينبيس لمكتب لبنان؟
- لمكتب لبنان أهمية كبيرة، لأنه البلد الوحيد الذي فيه موقع إلكتروني عربي للمنظمة. ويزور هذا الموقع الآلاف، ما سمح لنا بإدماج الجمهور العربي في النقاش البيئي، ونحن لدينا الرغبة لتقوية عمل مكتب بيروت وتفعيله بقدر ما تسمح إمكاناتنا. وفي الوقت الحالي كنا نريد أن نركز في عملنا أساساً على حملة إنشاء محميات بحرية.

لكن لماذا تحتل حملة الدفاع عن المتوسط الأولوية؟
- جميع مكاتب غرينبيس المطلة على المتوسط تعي تماماً مسؤوليتها تجاه حماية الكنز المتوسطي الذي يجمعها. وهذه المكاتب مجتمعة تطالب حكومات دول المتوسط بإنشاء محميات بحرية ساحلية، في أعالي البحار، تضمن بدورها حماية مواطن الأنواع البحرية المختلفة ومناطق وضعها للبيض، كما تسهم في الحفاظ على المتوسط وثرواته لنا وللأجيال القادمة. وفي سياق الجهد المتوسطي المشترك، يخوض مكتب لبنان حالياً حملة لإنشاء محمية جبيل الساحلية، ويحضّر لإطلاق مشروع شبكة من المحميات البحرية الساحلية على طول الشاطئ اللبناني.

ما هو تعليقك على إنشاء وزارة البيئة محمية بحرية في البترون وتجاهل اقتراحكم بإنشاء محمية في جبيل؟
- اجتمعنا مع وزير البيئة د. طوني كرم قبل الانتخابات النيابية، ونأمل إنشاء بحرية جبيل في أقرب فرصة. ونحن سعداء جداً لقرار إنشاء محمية بحرية في البترون. ولكن لدينا مخاوف من أن المساحة البحرية التي شملتها الحماية في البترون لا تغطي الكهوف البحرية التي تعتبر موطناً مهماً لحيوانات الفقمة، وهي مهمة أيضاً للسمك. لذلك نحن نتطلع إلى تعديل النطاق الجغرافي لهذه المحمية، لتشمل هذه المنطقة، وإذا جرى حمايتها فإنه من المتوقع أن نشهد وجود حيوان الفقمة مجدداً على الشاطئ
اللبناني.

لماذا لا تنشط غرينبيس المتوسط في موضوع تغير المناخ في الدول العربية؟
حزين لأن صيادي جبيل كانوا يعدون استقبالاً رائعاً للسفينة
- إن تغير المناخ هو أولوية بالنسبة لنا على المستوى العالمي. بالأمس القريب اعتقل زملاؤنا بعدما علّقوا يافطة احتجاج عملاقة بالتزامن مع انعقاد قمة العشرين في مدينة بيتسبرغ الأميركية. وعندما زار الرئيس باراك أوباما تركيا طالبته غرينبيس بأن يأخذ دوراً إيجابياً في قمة المناخ المقبلة في كوبنهاغن. كما قلنا له إنه من العبث البحث عن السلام في الشرق الأوسط، إذا زادت حدة النزاع على مصادر المياه التي تقل أساساً بسبب الجفاف الناتج من تغير المناخ. لكن مكتب بيروت لا يولي هذا الموضوع اهتماماً كبيراً، لأن لبنان ليس مسبباً لانبعاثات الغازات الدفيئة، بالمقارنة مع دول صناعية كبيرة تتحمل مسؤولية تاريخية في تغير المناخ الحالي، ونحن نركز جهدنا على هذه الدول للوصول إلى اتفاقية قوية في كوبنهاغن.

لماذا فشلت غرينبيس في إدخال سفينة «راينبو واريور» إلى مرفأ بيروت؟
- إن لسفينة «راينبو واريور» تاريخاً مشرفاً في الدفاع عن البيئة، وهي تمثل رمزاً عالمياً للنضال اللاعنفي. لقد سبق أن تعرضت هذه السفينة للغرق عام 1985 بعد الاحتجاج على التجارب النووية الفرنسية في جنوبي المحيط الهادئ. وعادة هذه السفينة ليست على علاقة صداقة مع الدول والحكومات، وهي تمارس أعمالاً احتجاجية تماماً مثلما حصل أثناء زيارتها لتركيا قبل أسبوع واعتراضها على المصائد غير الشرعية التي تقيمها شركات الصيد الكبرى، والتي تسبب القضاء على سمكة التونة في المتوسط.
لكن في حالة لبنان الأمر كان مختلفاً، لقد كان مقرراً للسفينة أن تستطلع الساحل اللبناني وتقوم بمسح علمي وتوثيق شامل تحت الماء لأهم المواقع الساحلية، بهدف تحديد أهم المواقع لتوثيقها من جانب غرينبيس ودراستها في ما بعد، ومن ثمّ المطالبة بتحويلها إلى محميات بحرية.
إذاً هذة الرحلة هدفها سلمي، ولقد فوتت الحكومة اللبنانية فرصة إظهار التنوع الذي يميز الشاطئ اللبناني وكذلك معرفة المخاطر التي تواجهه. وللأسف أنا حزين لأن صيادي الأسماك في جبيل كانوا يعدون استقبالاً رائعاً للسفينة. ونحن عملنا مع هؤلاء من أجل إعلان المنطقة التي يتكاثر فيها السمك الذي يعتاشون منه منطقة محمية.

هل تعتقدون أن هناك سبباً سياسياً أو أمنياً عرقل دخولها؟
تمويل الشركة الملوثة للتحقيق في تلوث سلعاتا غير مقبول
- نحن لا نعرف سبب التذرع بآلية الروتين الإداري الطويل. لكن التجارب السابقة علمتنا أن الاحتجاج بالروتين الإداري، حجة لطيفة تستخدمها الحكومات لعرقلة دخول سفينتنا «راينبو واريور» إلى موانئها. كان يمكننا أن نحدث ضجة أكبر على الموضوع. كان يمكننا أن نحاول الدخول بدون إذن إلى المياه اللبنانية وأن نجبرهم على اعتقالنا. لكننا آثرنا الرحيل بصمت لأن الزيارة ليست لاستكشاف مفاعل نووي، إنها ببساطة محاولة من أجل القول إن الشاطئ اللبناني جميل ويستحق الحماية. قرار إلغاء الرحلة لم يكن سهلاً، واتخذ بالتشاور مع المكتب الرئيسي للمنظمة، وهذه السفينة لديها جدول مواعيد مزدحم، وكل يوم انتظار يعني إنفاق آلاف الدولارات، وهذه الأموال يتبرع بها الأشخاص والأفراد، ونحن نعمل بفعالية من أجل إقناع هؤلاء بأن تبرعاتهم لا تذهب هدراً.

بالحديث عن الأموال. كم تنفقون في العام وما هي مصادر تمويلكم؟
- إن موازنة غرينبيس المتوسط منشورة على الموقع الإلكتروني. وسُتفاجأ برقم الموازنة السنوي. إنه لا يتعدى 1.4 مليون يورو. وهذه الأموال تأتي فقط من المتبرعين. لهذا نحن مستقلين استقلالاً كاملاً. حالياً لدينا 2600 داعم للمنظمة في لبنان 40 ألفاً على مستوى دول المتوسط و3 ملايين على مستوى العالم. هذا الرقم ليس كبيراً لكن هؤلاء هم المتبرعون الفعليون، فالداعمون والأصدقاء هم بالملايين. وبالمناسبة ليست غالبية هؤلاء من الطبقة الغنية، ففي الكثير من الحالات يتبرع لنا الفقراء رغم أنهم بحاجة للمال للحصول على لقمة عيشهم، وهذا دليل إضافي على أننا نكسب ثقة الناس.

هل أنتم على اطلاع على المهمة التي تجريها سفينة قانا التابعة لمجلس البحوث العلمية قبالة شاطئ سلعاتا؟
- لقد سبق لمنظمتنا أن قامت بعمليات اعتراض واسعة على التلوث الذي تحدثه مصانع الكيماويات في منطقة سلعاتا. ولقد عرفنا أن أعمال التحقيق التي تجريها الدولة اللبنانية هناك ممولة من الشركة الملوثة. وهذا الأمر يسبب تضارب مصالح غير مقبول. لا يمكن دعم التحقيق عن التلويث من الملوث نفسه. الملوث عليه أن يجري فحوصات دورية للتلويث الذي يحدثه، ويسعى إلى تحسين أدائه الصناعي بما يجعله أقل تلويثاً، ونحن نشجع المصانع الكبرى على اتخاذ هذة الإجراءات. لكن القيام بتحقيق لمصلحة الدولة اللبنانية لا يمكن أن يجري إلا عبر جهة مستقلة وغير خاضعة لأي ضغط معنوي أو مادي. وفي حال عدم ضمان هذة الاستقلالية فإننا لا يمكن أن نثق بالنتائج التي ستصدر عنها.

هل سترسو سفينة «راينبو واريور» مجدداً في لبنان؟
- نحن ملتزمون بعودة السفينة في أقرب فرصة، وآمل أن يحدث ذلك في العام المقبل. هناك استحقاقات كبيرة تنتظر لبنان من أجل حماية الشاطئ. وخصوصاً عندما يجري الحديث عن إنشاء جزر اصطناعية قد تسبب تدمير الشاطئ والتنوع البيولوجي. وآمل ألا تجيز السلطات اللبنانية هذا المشروع، ونحن سنتصدى لأي محاولة من هذا النوع.

ما هو رأيك بالحركة البيئة في لبنان؟
- يحتاج لبنان الى حركة بيئية قوية. واعتقد ان لدى اللبنانيين القدرة على تقوية الحركة البيئية لتكون مواكبة ومتابعة لكافة التطورات التي تجري محلياً وعالمياً. وإذا لم نعمل اليوم من اجل حماية البيئة فإن الأجيال القادمة سوف تحاسبنا.


غرينبيس وحرب تموز