جوانّا عازار«كام شجرة» فقط من شجر اللّزاب باقية من غاباته السابقة في جرد جبيل، فيما تحوّلت الأشجار الأخرى إلى حطب للتدفئة أو إلى أثاث في صالات العرض. منطقة أفقا ـــــ المنيطرة التي تعدّ من أهمّ مواطن اللزاب إلى جانب جرود العاقورة واللقلوق ترفع الصوت هذه الأيّام علّها تجد من ينقذ شجراً قاوم الظروف الطبيعيّة لآلاف السنين وفشل في مقاومة الإنسان.
«إنّ من يقطع شجرة لزاب ويبيعها هو باختصار حرامي»، يقول أحد أبناء بلدة أفقا مضيفاً: «بيعت الشجرة بعشرة دولارات، مش حرام؟». ابن بلدة أفقا يأسف لقطع الأشجار التي يمكن أن يزيد عمر الكثير منها على ألف سنة، والتي تعدّ من أنواع الشجر النادرة في لبنان وفي العالم. وفي هذا الإطار تتحدّث لـ«الأخبار» رئيسة جمعيّة المربّع الأخضر د. فيفي كلّاب قائلة إنّ «شجر اللزاب مصدر ممتاز للحطب، لكونه يولد حرارة هائلة خلال التدفئة، وأهل الجرد يقطعونه لذلك. إلا أنّ كثيرين لا يعلمون أنّ قطع اللّزاب يمثّل كارثة بيئيّة، وخصوصاً أنّ هذا الشجر يعيش على علوّ قد يصل إلى 2750 متراً ويعمّر أكثر من شجر الأرز». وتقول: «إحدى شجرات اللزاب في لبنان ممكن أن يجلس في ظلّها مئتا شخص، فاللزاب له فروع كثيرة وأغصانه تمتدّ كثيراً، لذا يعتمده كثيرون مصدراً للحطب والخشب. والمعروف أنّ خشب اللزاب قاسٍ جدّاً، وكلّ شجرة تعطي نحو 50 طناً من الأوكسيجين وتمتصّ كميّات كبيرة من الملوّثات الهوائيّة. واللزاب جذوره عميقة، ما يُسهم في تثبيت التربة وتخزين المياه في جوف الأرض». وتشرح كلّاب أنّ «اللزاب يتوزع على السفوح الشرقية والغربية في لبنان، لأنّه لا يتأثّر خلال فصل الصيف بالجفاف الذي يعوق انتشار شجر الأرز على السفوح الشرقية».
وترى كلّاب أنّ «غياب المراقبة خلّف تفاقم الكارثة، فالمسؤولون عن الأحراج في وزارة الزراعة اللّبنانيّة عددهم قليل وإمكاناتهم ضئيلة»، والمصيبة أنّ تكاثر شجر اللزاب صعب، لأنه لا يجري تلقائياً. فالشجرة منه تحتاج إلى مساعدة بعض أنواع القوارض وطير الكيخن الذي حين يأكل من بذور اللزاب يتخلص منها بعدما تتخمر في أمعائه. كذلك فإنّ نمو شجر اللزاب بطيء جدّاً، فهو ينمو بين 2 و5 سنتيمترات كل سنة ولا ينمو بعد قطعه، ما يجعل خسائر اليوم نهائية».